لكن الانصاف ان هذا البناء من العقلاء انما يسلم في مورد لم يحرز فيه كثرة الوقوع على خلاف الطبع ، واستعمال الالفاظ في معانيها المجازية ان لم نقل بكونه اكثر من استعمالها في المعاني الحقيقيّة بمراتب ، فلا اقل من التساوي ، فلم يبق الطبع الاولى بحيث يصح الاعتماد عليه ، هذا.
وكيف كان فالمتيقن من الحجية هو الظهور المنعقد للكلام خاليا عما يصلح لان يكون صارفا ، ولا يناط بالظن الفعلى بالمراد ، ولا يختص حجيته بمن قصد افهامه ، بل هو حجة على من ليس مقصودا بالخطاب ايضا بعد كونه موردا للتكليف المستفاد من اللفظ.
والدليل على ذلك كله بناء العقلاء وامضاء الشارع :
اما الاول فلشهادة الفطرة السليمة عليه ، فلو علم العبد بقول المولى : «اكرم كل عالم في هذا البلد» واحتمل عدم ارادته معناه الظاهر ، إما من جهة احتمال التورية وعدم كونه في مقام إفهام المراد ، وإما من جهة احتمال كون الكلام مشتملا على القرينة على خلاف الظاهر واختفى عليه ، او ظن احد الامرين من سبب غير حجة عند تمام العقلاء ، وفرضنا عدم تمكنه من الفحص عما يوجب صرف الكلام المذكور عن ظاهره ، فهل يصح له ان لا يأتى بمفاد اللفظ المذكور معتذرا بانى ما تيقنت ان المولى كان بمعرض تفهيم المراد ، او ما تيقنت عدم اشتمال الكلام على قرينة صارفة ، بل كان وجودها عندى محتملا ، او فهل يصح للمولى لو اتى العبد مفاد الكلام المذكور ـ في الفرض الذي فرضنا ـ ان يعاتبه او يعاقبه إن كان ما اتى به مبغوضا له واقعا ، فان رأينا من انفسنا انقطاع عذر العبد في المثال المذكور في صورة عدم الاتيان ، وصحة احتجاج المولى عليه عند العقلاء ، وانقطاع عذر المولى في صورة الاتيان ، وصحة احتجاج العبد عليه عندهم ، كما هو الواضح بادنى ملاحظة والتفات ، كان هذا معنى الحجية عندهم ، اذ لا نعنى بحجية ظواهر الالفاظ كونها كالعلم في ادراك الواقعيات ، حتى يشكل علينا بان الاخذ باحد طرفى الشك في ما كان المراد مشكوكا او