المشهور.
وما يمكن (١) ان يستدل به عليها امران :
احدهما : الادلة الدالة على حجية خبر الواحد ، اما بدلالتها على ذلك لمفهوم الموافقة كما قد يتوهم ، بدعوى ظهورها في ان اعتباره ليس من باب الخصوصية بل هو من باب الكشف عن الواقع ، فتدل على اعتبار ما كان كشفه اتم منه ، واما من جهة تنقيح المناط بعد استفادته من تلك الادلة.
والخدشة في كليهما واضحة ، اما الاول فلان ما يكون من باب مفهوم الموافقة يعتبر فيه دلالة اللفظ عليه عرفا ، بحيث يكون مسوقا لافادة المفهوم ، كدلالة قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) (٢) على حرمة الضرب ، لان المعلوم من هذه القضية انها سيقت لافادة حرمة الايذاء ، وانما ذكر الفرد الخفى فيها لافادة ان الايذاء باى مرتبة كان محرّم ، ولا اشكال في ان العرف لا يفهم من القضية الدالة على حجية الخبر الواحد انها سيقت لبيان اعتبار مطلق الظن ، واما الثاني
__________________
(١) قد يقال بامكان استفادة حجية الشهرة من آية النّبأ بملاحظة التعليل المذكور فيها ، بناء على ثبوت المفهوم لها ، اذ يستفاد حينئذ بقرينة المقابلة كون الحكم في نبأ العادل بالحجية معللا بعدم المعرضية للخطإ بمقدار نبأ الفاسق ، ويستفاد من هذا أن ما كان عدم معرضيته للخطإ اقوى حجة بطريق اولى ، ولا باس بتسمية ذلك بمفهوم الموافقة.
وفيه بعد الغض عما في تسميته بمفهوم الموافقة ـ لما ذكر في المتن ـ أنه ليس المراد بالجهالة معناها اللغوي ، وهو عدم العلم ، كيف؟ وإلّا يلزم عدم جريان البراءة في الشبهات البدوية ، بل المراد معناها العرفي ، وهو الخروج عن طريقة العقلاء ، فمفهوم الآية ـ على القول به ـ عدم وجوب التبين في نبأ العادل ، لاجل عدم كون العمل به سفاهة بل كونه عملا بالحجة وعقلائيّا ، لا بمعنى الحجية الشرعية ، اذ الظاهر من تعليل الحكم بشيء ثبوته مع قطع النظر عن الحكم ، بل بمعنى الحجية العقلائية ، ففي الحقيقة يكون عدم وجوب التبين معللا بالحجية العقلائية ، ومن المعلوم انتفائها فى الشهرة الفتوائية التي مبناها على الحدس «منه ، قدسسره».
(٢) سورة الاسراء : الآية ٢٣.