«انتهى» (١).
وانت خبير بما فيه ، لانه مع قطع النظر عن الحكم الذي جاء من قبل دليل الانسداد لم يكن بين الظنين تفاوت ، فما الذي اوجب جريانه في الظن المانع دون الممنوع.
والاولى في الجواب منع المبنى ، بانا لا نسلم وجود ملاك الاعتبار في كل ظن لم يقم على عدم اعتباره دليل ، بل الملاك إمّا الظن بعدم حصول المخالفة بمقدار ما علم اجمالا ، او الظن بحصول الموافقة بالمقدار المذكور ، والظن الذي فرض كونه ممنوعا اذا انسلخ منه ذلك العنوانان لم يؤخذ به ، لعدم وجود الملاك فيه ، وإلّا فلا مانع من اخذه ، ومع كون ملاك الاعتبار ما ذكرنا لا يمكن وقوع التعارض بين فردين من الظن فليتأمل جيدا.
قال شيخنا الاستاذ «دام بقاه» في الكفاية في هذا المقام : ان التحقيق بعد تصور المنع عن بعض الظنون في حال الانسداد انه لا استقلال للعقل بحجية ظن احتمل المنع منه ، فضلا عما اذا ظن ، كما اشرنا اليه في الفصل السابق ، فلا بد من الاقتصار على ظن قطع بعدم المنع عنه بالخصوص ، فان كفى ، وإلّا فبضميمة ما لم يظن المنع عنه ، وان احتمل مع قطع النظر عن مقدمات الانسداد ، وان انسد باب هذا الاحتمال معها ، كما لا يخفى ، وذلك ضرورة عدم الاحتمال مع الاستقلال حسب الفرض ، ومنه انقدح انه لا تتفاوت الحال لو قيل بكون النتيجة هي حجية الظن في الاصول او في الفروع او فيهما «انتهى» (٢).
اقول : احتمال منع الشارع في حال الانسداد عن ظن كاحتمال جعل الشارع ظنا في حال الانفتاح ، فكما ان الاحتمال الثاني لا ينافي استقلال العقل بعدم الحجية كذلك الاحتمال الاول لا ينافي استقلال العقل بالحجية ،
__________________
(١) الفرائد ، ذيل المقام الثاني من التنبيه الثاني في الانسداد ، ص ١٦٣ طبع رحمة الله.
(٢) الكفاية ، ج ٢ ، ص ١٤٧ (طبعة المشكيني).