لا يقال : كما ان الحلية في بعض الادلة علّقت على التذكية كذلك الحرمة في البعض الآخر علّقت على الميتة ، فاستصحاب عدم التذكية معارض باستصحاب عدم كونه ميتة ، فيتساقطان فيرجع الى اصالة البراءة.
لانا نقول : ليست الميتة خصوص ما مات حتف انفه ، بل هي عبارة عن غير المذكى ، لان الحيوان ان ازهق روحه مع تحقق امور اعتبرها الشارع ، من التسمية والاستقبال وفرى الاوداج الاربعة ونحوها ، فقد حل لحمه ، ومع عدم تلك الامور كلا او بعضا يكون ميتة شرعا ، واما المال المردد بين مال الغير ومال نفسه ، فان كان مسبوقا بكونه مال الغير فلا شبهة في كونه موردا للاستصحاب ، وان لم يكن له حالة سابقة معلومة فيمكن القول بالحرمة فيه ، من جهة ان قولهم عليهمالسلام لا يحل مال الا من حيث ما احله الله (١) ، يدل على ان الحلية معلقة على امور وجودية اعتبرها الشارع ، فاذا شككنا في تحقق ما هو موجب للحلية يستصحب عدمه ، وكذلك الكلام في مال الغير الذي نشك في طيب نفس صاحبه ، فان حلية التصرف في الدليل معلقة على طيب النفس ، وعند الشك يستصحب عدمه.
__________________
القابلية ، واما لو شك في القابلية ، بناء على عدم عموم مثبت لها في كل حيوان الا ما خرج ، او فرض الشبهة موضوعية ، كما لو شك في ان هذا الحيوان غنم او كلب ، فهل يجرى اصالة الحل الذاتي او الطهر كذلك في نفس الحيوان ويجعل ذلك حاكما على اصالة عدم التذكية ، بناء على كون القابلية عبارة عن الحلية او الطهارة المذكورتين اولا؟ قد يقال بالثاني ؛ نظرا الى ان الحل او الطهر الواقع قيدا للتذكية هو الواقعي لا الاعم منه وممّا ثبت بالاصل ، ولكن لقائل ان يقول : اي فرق بين هذا وبين اثبات الطهر في المصلّي او لباسه بالاصل؟ فكما تقولون هناك باحراز الصلاة مع الطهارة بضم التعبد الى الوجدان فلم لا تقولون هنا باحراز التذكية مع الحل او الطهارة كذلك. (م. ع. مدّ ظلّه).
(١) الوسائل ، الباب ٣ من ابواب الانفال ، الحديث ٢. ولفظ الحديث هكذا : لا يحلّ مال إلا من وجه أحلّه الله.