لكن التحقيق يقتضى عدم الفرق بين الصورتين ، ومقايسة ذلك بالطهارة ومحصلها ليست في محلها ، وتوضيح ذلك : انه قد يكون التكليف متعلقا بالعنوان المتولد من السبب الخارجي ويشك في ان سبب حصول ذلك العنوان المكلف به هل هو الاقل او الاكثر ، فيجب حينئذ الاحتياط باتيان الاكثر ، حتى يعلم تحقق ذلك العنوان ، والامر بالطهارة من هذا القبيل ، لانها امر معنوى يتحصل من افعال خارجية ، وكذلك لو امرنا بالتأديب ولم نعلم انه يحصل بضربة او بضربتين مثلا ، وهكذا ، وقد يكون التكليف متعلقا بما هو عين الخارج ، لا أنه يتحصل به ، كما فيما نحن فيه ، فان صرف الوجود الذي جعلناه متعلقا للنهى الغيري هو عين الوجودات الخارجية ، والنهى المتعلق به في الحقيقة راجع الى النهى عن تلك التحصلات الخارجية ، فحينئذ يقال : انا نعلم من جهة ذلك النهى تقييد الصلاة بعدم تلك التحصلات المعلومة ، ونشك في تقييدها بالزائد ، ومقتضى الاصل البراءة ، والفرق بين هذا الفرض وسابقه انه في السابق كانت الشبهة من مصاديق الشبهة في الاقل والاكثر من حيثية واحدة ، وفي هذا الفرض من حيثيتين : إحداهما من جهة ارتباط القيد بالصلاة ، والثانية من جهة الارتباط الموجود في نفس القيد ، ولا ضير بعد ما لم تكن هذه الجهة منشأ للاحتياط ، هذا ما استفدنا من سيدنا الاستاذ طاب ثراه في بيان الاصل العقلى (١) نقلا عن سيد
__________________
(١) هذا. ويمكن ان يقال تارة نجعل الطبيعة اشارة الى الافراد ويكون بمنزلة هؤلاء ، فلا شك حينئذ ان الدوران في الافراد بين الاقل والاكثر يكون في نفس الموضوع ، واخرى نجعل الموضوع نفسها بما هي شيء بحيال الافراد ، وحينئذ فان جعلت موضوعا بلحاظ صرف الوجود فلا محيص عن الاشتغال عند دوران امر الافراد بين الاقل والاكثر ، لان ما هو الموضوع وهو صرف الوجود الذي يستوي فيه القليل والكثير غير مشكوك ، وما هو المشكوك غير موضوع ، وان جعلت باعتبار الوجود السارى موضوعا فاللازم القول بالبراءة عند الدوران المذكور ، لان مرجع هذا النحو من الاعتبار الى قضايا تعليقية بعدد الافراد ، فقوله لا تشرب الخمر في قوة قوله كل ما لو وجد في الخارج وكان خمرا فهو على تقدير وجوده حرام ، ومن المعلوم ان الحكم التعليقي ـ