حقيقة هو ان الوفاء ليس إلّا امرا منتزعا عنها ، وتحققه يكون بتحققها ، وانما اخذ في موضوع الخطاب ذلك دونها ، لانه جامع لها مع شتاتها وعدم انضباطها بحيث لا يكاد ان تندرج تحت ميزان او يحكى عنها بعنوان غيره كان جامعا ومانعا كما لا يخفى ، وهذا حال كل عنوان منتزع عن العناوين المختلفة المتفقة في الملاك للحكم عليها المصحح لانتزاعه عنها ، كالمقدمية والضدية ونحوهما ، ولاجل ذلك يكون النهى المتعلق بالضد بناء على اقتضاء الامر بالشيء له من باب النهى في المعاملة او العبادة لا من باب اجتماع الامر والنهى.
لا يقال : ان الغصب مثلا له عنوان منتزع ، فكيف اذا اجتمع مع الصلاة يكون من باب اجتماع الامر والنهى لا النهى في العبادات والمعاملات.
لانا نقول : ان الغصب وان كان منتزعا إلّا انه ليس بمنتزع عن الافعال بما هي صلاة بل بما هي حركات وسكنات ، كما ينتزع عنها عنوان الصلاة ايضا ، وهذا بخلاف عنوان الضد ، فانه منتزع عن الصلاة بما هي صلاة فيما اذا زاحمت هي كذلك واجبا مضيقا ، فاذا اقتضى الامر به النهى عن ضده يكون النهى متعلقا بالصلاة ، فاحفظ ذلك فانه ينفعك «انتهى ما افاده دام بقاه بالفاظه» (١).
اقول : ان اراد ان عنوان الوفاء بالنذر ليس له دخل في المطلوبية بل المطلوب في نفس الامر هو العناوين الخاصة بخصوصياتها ، وانما جىء بهذا العنوان لمجرد الاحتواء على المطلوبات الخاصة نظير هؤلاء في قولك : «اكرم هؤلاء» كما هو ظاهر كلامه ، ففيه انه من المعلوم ان اعطاء الدرهم على تقدير حياة الولد انما وجب لكونه مصداقا للوفاء بالنذر لا لخصوصية فيه مع قطع النظر عن هذا العنوان ، وان اراد ان الحكم المتعلق بهذا العنوان يسرى الى مصاديقه التى منها اعطاء الدرهم على تقدير حياة الولد ، فهو حق لا ريب فيه ، إلّا انه لا
__________________
(١) تعليقة المحقق الخراساني على الفرائد ، التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب ، ص ٦ ـ ٢٠٥