شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض (١) وامثال ذلك من الروايات (٢).
فحينئذ فكل شك ينطبق عليه القاعدتان يلغى من جهتهما ، وكل ما ينطبق عليه احداهما يلغى ايضا من جهتها ولا يعارضها مفهوم الاخرى ، لان المفهوم في كل من القاعدتين بيان عدم المقتضى لالغاء الشك وان الرجوع الى المشكوك من باب القاعدة ، مع امكان ان يقال بعدم المفهوم للدليل المفيد لقاعدة الشك بعد الفراغ في باب الصلاة ، لانه لم يجعل الموضوع فيه الشك والفراغ شرطا خارجا عنه ، كما هو شأن كل قضية شرطية سيقت لبيان المفهوم ، بل جعل الشك بعد الفراغ موضوعا للحكم ، وأداة الشرط الموجودة في بعضها انما جىء بها لبيان تحقق الموضوع ، كما لا يخفى على المتامل ، ولو سلمنا ثبوت المفهوم لكل منهما فلا يقبل المعارضة مع المنطوق ، كما لو قال الشارع اذا بلت فتوضأ مثلا ، ثم قال اذا نمت فتوضأ ، فانه لا ينبغى توهم ان منطوق احدهما معارض مع مفهوم الآخر فتدبر.
فان قلت : الشك في المركب بعد الفراغ مسبب عن الشك في الجزء او القيد ، والشك في السبب يشمله الاخبار الدالة على عدم الاعتناء بالشك بعد المحل ، وقد تحقق ان القاعدة الجارية في الشك السببى مقدمة على القاعدة الجارية في الشك المسببى ، وحينئذ لا يبقى للشك بعد الفراغ مورد الا نادرا ، كما لو شك في الجزء الاخير وقد فرغ عن العمل بواسطة الاشتغال بامر آخر مغاير له ، ولا يحسن اعطاء قاعدة كلية لاجل مورد نادر.
قلت : هذا انما يصح اذا اعتبر المشكوك في القاعدة بعد الفراغ عن مجموع العمل بلحاظ الخلل في بعض ما اعتبر فيه ، واما اذا اعتبر نفس ما اعتبر فيه من القيد او الجزء كما في قوله عليهالسلام : «كلّ ما شككت فيه بعد ما تفرغ من
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٢٧ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٢.
(٢) الوسائل ، الباب ٢٧ و ٢٣ من ابواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣ و...