ان يعاملوا مع الناس في افعالهم معاملة الفعل الصحيح.
لا يقال : تحصيل الاعتقاد امر اختياري اذا كانت مقدماته اختيارية.
لانا نقول : نعم قد يكون كذلك ، وقد يحصل قهرا ، بل في غالب الاحوال يكون كذلك ، فلا يمكن جعله موضوعا للالزام بنحو الاطلاق.
ومنها قوله تعالى : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (١) تقريب الاستدلال أن ظن الخير ليس اثما قطعا ، فالظن الذي يكون اثما ومنهيا عنه هو ظن السوء ، والنهى عنه راجع في الحقيقة الى النهى عن ترتيب الاثر السوء حين الظن به ، لما مضى من عدم قابلية الظن للالزام ، فيجب ترتيب آثار الحسن والصحة لعدم الواسطة
ومنها قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (٢) بناء على ان الخارج من عمومه ليس إلّا ما علم فساده لانه المتيقن.
ومنها قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (٣) بالتقريب المقدم.
وانت خبير بما في المجموع من الضعف :
اما الآية الاولى ، فلانّ الظاهر منها مطلوبية قول حسن في مقام المعاشرة ، ولا ربط لها بترتيب آثار الصحة على فعل الغير ، وهي نظير قوله تعالى في توصية موسى وهارون على نبينا وآله وعليهماالسلام : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (٤).
واما الثانية فلان عدم الواسطة بين السوء والحسن او الصحة والفساد لا يلازم عدم الواسطة في المعاملة وترتيب الاثر ، اذ رب عقد لا يعامل معه
__________________
(١) سورة الحجرات ، الآية ١٢.
(٢) سورة المائدة ، الآية ١.
(٣) سورة النساء ، الآية ٢٩.
(٤) سورة طه ، الآية ٤٤.