القطعى.
فان قلت : ترخيص احد الطرفين وان لم يكن مدلول الدليل ، إلّا انه يجب الحكم بالترخيص من جهة العقل ، لان مقتضى الترخيص في كل منهما موجود بمقتضى عموم الادلة ، والمانع انما منع عن الجمع ، فالمقتضى في احدهما يكون بلا مانع ، فيجب تأثيره بحكم العقل ، ونظير هذا يقال فيما اذا تزاحم الغريقان ، ولم يقدر المكلف على انقاذهما ، ولم يكن لاحدهما مرجح.
قلت : هذا في مثال تزاحم الغريقين صحيح ، والوجه فيه ان مقتضى الانقاذ في احدهما موجود ، ولا يكون له مانع يقينا ، بخلاف ما نحن فيه ، لانا لا نقطع بعدم المانع ، اذ لعل العلم الاجمالى الذي يقتضى الاحتياط يمنع عن تأثير مقتضى الترخيص مطلقا في نظر الشارع ، اللهم إلّا ان يقال بالترخيص في احدهما لا من جهة ما ذكر ، بل من جهة الاخذ باطلاق دليل الترخيص في كل من الطرفين ، وتقييد كل منهما بمقدار الضرورة ، بيان ذلك ان مقتضى عموم الدليل الترخيص في كل من الإناءين المشتبهين مطلقا ، اعنى مع ارتكاب الآخر وعدمه ، والمانع العقلى انما يمنع هذا الاطلاق ، ولا ينافي بقاء الترخيص في كل واحد منهما بشرط عدم ارتكاب الآخر.
فان قلت : لازم ذلك أن من لم يرتكب شيئا منهما يكون مرخصا في ارتكاب كليهما ، وهذا اذن في المخالفة القطعية.
قلت : الاحكام لا تشمل حال وجود متعلقاتها ولا حال عدمها ، لان الشيء المفروض الوجود ليس قابلا لان يتعلق به حكم من الاحكام ، وكذا الشىء المفروض العدم.
مثلا بعد فرض الوجود الخارجي لشرب التتن لا يصح الامر به ولا النهى عنه ولا الترخيص ، لانه بعد هذا الفرض خارج عن تحت قدرة المكلف ، وكذا بعد فرض عدمه الخارجي ، فالدليل المذكور لا يمكن شموله للترخيص حتى في صورة فرض عدم ارتكاب متعلقه ، حتى يكون ترخيصا في