المخالفة القطعية ، هذا وقد اشرنا الى ذلك في الشبهة المحصورة (١) ، فراجع وتامل.
واما القسم الثاني فهو على قسمين : احدهما ان يكون مقتضى الاستصحاب في احد الطرفين ثبوت التكليف وفي الآخر عدمه ، ونحن نعلم بعدم التفكيك بينهما ، والثاني ان يكون مقتضاه في الطرفين ثبوت التكليف ونحن نعلم بعدمه في احدهما :
اما الاول : فلا مانع فيه من الاخذ بمقتضى كلا الاصلين ، لعدم المخالفة القطعية العملية التى كانت مانعة في المثال السابق ، ومجرد العلم بان مقتضى احد الاستصحابين مخالف للواقع لا يؤثر شيئا ، نعم لو علمنا بعدم التفكيك حتى في مرحلة الظاهر يقع التعارض بينهما ، كما انه قد يقال في الماء النجس المتمم كرا بماء طاهر بقيام الاجماع على اتحاد الماءين في الحكم حتى بملاحظة الظاهر ، فحينئذ مقتضى استصحاب نجاسة المتمم ـ بالفتح ـ بضميمة الاجماع المدعى على الملازمة نجاسة الكل ، ومقتضى استصحاب طهارة المتمم ـ بالكسر ـ بضميمة الاجماع المذكور طهارة الكل ، فيقع التعارض بينهما ، ويحصل التساقط ، فاللازم في المثال الرجوع الى قاعدة الطهارة.
واما الثاني : فالاخذ بالاستصحاب فيه وان لم يكن مخالفا لتكليف واقعي معلوم ، كما هو المفروض ، لكن لما كان الاستصحاب حكما ظاهريا وليس له فائدة الا تنجيز الواقع على تقدير الوجود فيما اذا كان مثبتا للتكليف ، واسقاطه كذلك فيما اذا كان نافيا له ، لا يمكن جعل الاستصحابين في المثال ، للقطع بعدم ثبوت الواقعين ، فيكون احدهما لغوا ، نعم لو فرض لهما اثر آخر غير تنجيز الواقع يمكن الاخذ بكل منهما لترتب ذلك الاثر ، كما في استصحاب نجاسة كل من الطرفين لاثبات نجاسة ملاقي كل واحد من المشتبهين ، اذ لو لا ذلك لكان الملاقي محكوما بالطهارة ، إلّا اذا حصل العلم الاجمالي في الملاقي ، كما اذا لاقي
__________________
(١) راجع ص ٦٠ ـ ٤٥٩ من هذا الكتاب.