بعد ذلك ان شاء الله.
هذا كله على تقدير القول بحجية الاخبار من باب الطريقية.
واما على تقدير اعتبارها من باب السببية فالذي صرح به شيخنا المرتضى «قدسسره» ان مقتضى الاصل التخيير ، لان المطلوبية المانعة عن النقيض في كل منهما موجودة ، فيجب الامتثال بقدر الامكان ، وحيث لا يمكن الجمع يجب امتثال احد التكليفين بحكم العقل على نحو التخيير ، لعدم الاهمية في احدهما ، كما هو المفروض (١) واليه ذهب شيخنا الاستاذ «دام بقاه» حيث قال في تعليقته على رسالة التعادل والتراجيح ما هذا لفظه فاعلم انه ان قلنا بحجية الاخبار من باب السببية فيكون حال المتعارضين من قبيل الواجبين المتزاحمين في ان الاصل فيهما هو التخيير ، حيث ان كل واحد منهما حال التزاحم ايضا على ما كان عليه من المصلحة التامة المقتضية للطلب الحتمى ، ولا يصلح التزاحم الا للمنع عن تنجزهما جميعا ، لامتناع الجمع ، لا عن احدهما ، لا مكانه ، وحيث كان تعينه بلا معين ترجيحا بلا مرجح كان التخيير متعينا ، نعم لو كان اهم او محتمل الاهميّة يتعين على ما سنفصله «انتهى ما اردنا من نقل كلامه دام بقاه» (٢).
وعندى في ذلك نظر : توضيحه أن جعل الامارات من باب السببية كما اوضح ذلك شيخنا المرتضى «قدسسره» في مبحث حجية الظن يتصور على وجوه : بعضها باطل عقلا ، وبعضها باطل شرعا ، والذي يمكن من الوجوه المذكورة وجهان :
احدهما ان يكون الحكم الفعلى تابعا للامارة ، بمعنى ان لله تعالى في كل واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل لو لا قيام الامارة على خلافه ، بحيث يكون
__________________
(١) الفرائد ، في البحث عن الاصل في المتكافئين ، ص ٤٣٨.
(٢) تعليقة الفرائد هنا ، ص ٢٥٦.