لان ذا المزية حجة يقينا وغيره مما لم يعلم حجيته ، فيجب الاخذ بما يعلم حجيته ، ولا يجوز الاخذ بما يشك في حجيته لانه تشريع.
ومن هنا يظهر انه متى دار الامر بين التعيين والتخيير بين الطريقين فالاصل التعيين ، وان قلنا في غير هذا المقام بالتخيير ، لان اخذ الشيء طريقا عبارة عن جعله مستندا للحكم الشرعي ، ولا يجوز ذلك إلّا اذا علم بالحجية.
واما ان قلنا باعتبار الاخبار من باب السببية فالمقام من قبيل المتزاحمين ، مع احتمال اهمية احدهما المعين ، والذي يظهر من شيخنا المرتضى «قدسسره» (١) في مثل ذلك هو التعيين ، فان وجوب الاخذ بمحتمل الاهمية قطعي ، لانه اما متعين في الواقع او يكون احد طرفي التخيير ، بخلاف الطرف الآخر ، فالاخذ بمحتمل الاهمية موجب لبراءة الذمة يقينا ، بخلاف الاخذ بالآخر وفصّل شيخنا الاستاذ «دام بقاه» بين ان يكون منشأ الاهمية المحتملة اشدية المناط او اتحاده مع واجب آخر ، فان كان احتمالها ناشيا من الجهة الثانية فلا وجه لاستقلال العقل بوجوب ما كان منهما محتملا لها ، بل العقل يستقل بالتخيير بعد الجزم بعدم العقاب على الواجب الآخر لو كان ، فانه عقاب بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان ، ولو كان احتمالها ناشيا من الجهة الاولى فالظاهر استقلال العقل بالاشتغال وعدم الفراغ عن العهدة على سبيل الجزم إلّا باتيان ما فيه الاحتمال ، حيث ان التكليف به في الجملة ثابت قطعا ، وانما الشك في تعيينه : هل هو على سبيل التخيير او التعيين؟ وليست الجهة لو كانت تكليفا آخر حتى يمكن نفيه باصالة البراءة ، بل هي على تقديره من كيفيات ذلك التكليف المعلوم تعلقه به ، بداهة ان اقوائية جهة وجوب الاهم ليست جهة اخرى منضمة اليها كما ، لا يخفى ، انتهى كلامه «دام بقاه» (٢).
__________________
(١) الفرائد ، المقام الثاني في التراجيح ، ص ٤٤٣.
(٢) تعليقة الفرائد ، هنا ، ص ٢٦٠.