على ان المراد مجرد الرجحان من اى وجه حصل ليس بأولى من حملها على ما ذكرنا.
ومنها : التعارض بين الخبرين المشتملين على جمع من وجوه الترجيح : احدهما مقبولة عمر بن حنظلة (١) ، والآخر مرفوعة زرارة (٢) حيث انه مقتضى الاول منهما الاخذ برواية الاعدل والافقه وان كان الآخر اشهر ، ومقتضى الثاني منهما عكس ذلك ، وايضا بمقتضى الاول بعد فرض التساوى في الوجوه المذكورة فيه يجب التوقف حتى يلقى الامام عليهالسلام ، وبمقتضى الثاني يجب الاحتياط ان كان احدهما موافقا له وإلّا فالتخيير.
ومنها : الاطلاقات الكثيرة الحاكمة بالتخيير من دون ذكر الترجيح اصلا
، مع كونها في مقام البيان ، وغلبة وجود احدى المرجحات في الخبرين المتعارضين ، خصوصا اذا تعدينا عن المنصوصة منها الى غيرها.
والحاصل ان حمل تلك الاطلاقات الكثيرة على مورد تساوى الخبرين من جميع الجهات مع كونه نادرا بواسطة الامر بالترجيح في الاخبار الأخر ليس باولى من حمل الأخبار الدالة على الترجيح على الاستحباب ، بل الاولى العكس ، اذ ليس فيها إلّا الامر بالاخذ بذى المزية بصيغة افعل ، وهي وان قلنا انها حقيقة في الوجوب ، لكن استعمالها في الشريعة في الاستحباب وصل الى حد انكر بعض اساطين الفن ظهورها في الوجوب لو لم تكن معها قرينة ، وكيف تطمئن النفس بتقييد تلك الاطلاقات الواردة في مقام البيان بواسطة هذا الظهور الذي من كثرة خفائه صار موردا للانكار ، وان ابيت عن حمل الاخبار الواردة في الترجيح على الاستحباب فلا اقل من الاجمال لدوران الامر بين الظهورين : ظهور الاخبار المطلقة في التخيير ، وظهور الاخبار الدالة على الترجيح فيه ، فيعمل بالاصل في موارد وجود احدى المرجحات المنصوصة ، وقد عرفت ان الاصل في
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٩ من ابواب صفات القاضي ، الحديث ١.
(٢) المستدرك ، الباب ٩ من ابواب صفات القاضي ، الحديث ٢.