هذا ما يقال في المناقشة على تقريبات الاستصحاب (١).
وفيه منع الشك ، بل الموضوع هو الظن بوجوده الحدوثي قطعا ، وذلك لان عمدة الادلّة في باب التقليد هو الارتكاز الحاكم برجوع الجاهل الى العالم ، وبعد القطع بان قطع العالم وظنه ليس بحجة عند العقلاء بملاك السببية ، بل بملاك الطريقية ، نقطع بان طريقيته قائمة بحدوثه من غير نظر الى بقائه بحيث يكون بقائه كضم الحجر ، وكذا يكون نظر العقلاء في اعتمادهم ايضا الى حدوثه ، اما ان طريقيته قائمة بمحض الحدوث فلاجل انا نرى انهم يستفيدون الشهرة والاجماع من فتاوى الاموات ، وكذلك يؤيّدون مدّعاهم في المسائل العلمية برأي شيخنا الانصاري «قدسسره» بعد موته واما كونه موردا لاعتماد العقلاء فلاجل انا نراهم يرتّبون الاثر على قول المعمار بعد موته كما في حال حياته بلا فرق.
وامّا ما ذكرت من الاستشهاد بتبدّل الرأي وزوال الملكة على كون المعيار هو الظنّ الفعلي ، ففيه ان التبدل موجب لزوال الكشف والطريقية ، والمقصود اثبات الحجية للحدوث مع حفظها ، وامّا زوال الملكة بالهرم ونحوه فليس حاله الا كحال ملكة العدالة والذكورة والعقل ، فكما ان اعتبار هذه الاخيرة لا ينافي كون الموضوع حدوث الظن كذلك الاول بلا فرق.
ثم لو خلّينا وانفسنا لم نفرق في حجية الرأي بين حالي الحياة والموت ، لكن لمّا رأينا هذه القيود التعبّدية من الشارع انقدح الشك في انه لعلّ منها ايضا قيد الحياة فحينئذ نتمسك في دفعه بالاستصحاب.
وامّا ما ذكره في دفع التقريب الثالث فبعد الغض عن الخدشة في مجعولية الحجية بنفسها ، يرد على ما ذكره على تقدير تسليم جعل الحكم ان نفسه صرّح
__________________
(١) المناقشات لصاحب الكفاية «قدسسره» في بحث الاجتهاد والتقليد منها ، ص ٤٤١ ـ ٤٤٥.