ولا يبعد العمل بالخبرين بحمل النبي علىٰ الكراهة . وخبر هشام صحيح .
وأمّا الخبر الأخير الذي رواه الشيخ فقد رواه الصدوق عن زرارة (١) ، وطريقه في المشيخة إليه صحيح (٢) ، فيستغنىٰ به عن الطريق هنا ، غير أنّه ينبغي أنْ يعلم أنّ الشيخ في التهذيب روىٰ قبل الرواية المذكورة روايةً عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن ابن المغيرة (٣) ، فلا يبعد أنْ يكون وقع نوع سهو في السند الثاني ، لكن الجزم مشكل .
وعلىٰ كل حال فتوجيه الشيخ للخبر لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّ ظاهر قوله : وكذلك ، الإشارة إلىٰ الحمل علىٰ الكراهة في الأخبار الدالّة علىٰ المنع في المكتوبة .
وقوله أخيراً : فالوجه في هذا الخبر أيضاً ضرب من الاستحباب ، يفيد أنّه يستحبّ لها أنْ لا تؤمّ أحداً من النساء في النافلة والمكتوبة إلّا علىٰ الميت ، وحينئذٍ يفيد الخبر نوع مخالفة لما سبق منه .
ويمكن التوجيه بأنّ المراد بالإشارة بيان الحاجة إلىٰ الجمع مع مخالفة الخبر المذكور لما سبق ، وحاصل الجمع أنْ يحمل الخبر المذكور علىٰ استحباب عدم فعل الجماعة مطلقاً إلّا علىٰ الميت ، أو يقال : إنّ الظاهر من الخبر نفي الإمامة في المكتوبة بقرينة ذكر الميت ، ولعلّ هذا أوجه .
فإنْ قلت : يجوز أنْ يكون مراد الشيخ بالاستحباب استحباب صلاتها علىٰ الميت دون الوجوب ، والوجه في الاستحباب أمّا للولاية ، أو لكون صلاتها جماعةً علىٰ الميت كغيرها في الاستحباب .
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥٩ / ١١٧٧ .
(٢) مشيخة الفقيه ( الفقيه ٤ ) : ٩ ، خلاصة العلّامة : ٢٧٧ .
(٣) التهذيب ٣ : ٢٦٨ / ٧٦٤ .