كراهة القراءة بهذه الصورة ، والحال أنّه قائل بالكراهة للمنفرد مطلقاً ، وحينئذٍ لا بُدّ من حمل الخبر علىٰ الإطلاق فيفيد ترجيح التسبيح كذلك ، وقد قدّمنا القول مفصّلاً (١) .
وذكر بعض محققي المتأخّرين رحمهالله أنّ في الخبر الأوّل دلالة علىٰ وجوب السورة من جهات ، أحدها : من قوله : « قرأ في كلّ ركعة » وثانيها : من قوله : « إنّ الصلاة إنّما يقرأ فيها » إلىٰ آخره . وثالثها : من قوله في آخرها : « فإذا سلّم قام فقرأ » إلىٰ آخره (٢) .
ولا يخفىٰ أنّه يتوجه عليه ما ذكره شيخنا من أنّ النهي للكراهة ، فإنّه يقتضي عدم تمامية الاستدلال .
فإنْ قلت : كون النهي للكراهة يقتضي عدم الوثوق بأنّ غيره من النهي للتحريم ، لا أنّ الأمر للاستحباب ، والحال أنّ أوامر الرواية لا مقتضي لحملها علىٰ الاستحباب ، فتبقىٰ علىٰ حقيقتها ويتمّ المطلوب .
قلت : بل الأمر فيها كذلك ، من حيث إنّ من جملة الأوامر القراءة خلف الإمام في نفسه في الجهرية ، إذ (٣) من جملة ما ذكر العشاء ، ووجوب القراءة في الجهرية خلف الإمام علىٰ الإطلاق غير معلوم القائل ، والمستدل بما ذكر ينفيه ، والإخفاتية أمرها أظهر ، بل صرّح المستدل بالتحريم ، إلّا أنْ يقال بتخصيص هذه المسألة ، وبتقديره فالتسليم لا يقول المستدل بوجوبه ، وقد تضمّنت الرواية اقتران التسليم بقراءة السورة .
وما عساه يقال : إنّ الفاتحة مقترنة أيضاً ، ولا ريب في وجوبها .
يمكن الجواب عنه : بأنّ ما خرج بالإجماع لا يضرّ بالحال ،
__________________
(١) في ج ٥ : ١٩١ .
(٢) مجمع الفائدة ٣ : ٣٢٥ .
(٣) في « رض » و « م » : أو .