مستحبة ، ونقل عن بعض علمائنا الوجوب ، لئلاّ تخلو الصلاة عن قراءة ، إذ هو مخيّر في التسبيح في الأخيرتين ، ثم قال : وليس بشيء ، فإنْ احتجّ بحديث زرارة وعبد الرحمن حملنا الأمر فيهما على الندب ، لما ثبت من عدم وجوب القراءة على المأموم (١) ، انتهى.
واعترضه شيخنا قدسسره بأنّ ما تضمّن سقوط القراءة بإطلاقه لا ينافي هذين الخبرين المفصّلين ، وإنْ كان ما ذكره من الحمل لا يخلو من قرب ؛ لأنّ النهي عن القراءة في الأخيرتين للكراهة قطعاً ، وكذا الأمر بالتجافي في الثانية محمول على الاستحباب ، ومع اشتمال الرواية على استعمال الأمر في الندب والنهي في الكراهة يضعف الاستدلال بما وقع من الأوامر والنواهي على الحقيقة ، مع أنّ مقتضى الرواية القراءة في النفس ، وهو لا يدلّ صريحاً على وجوب التلفّظ (٢) ، انتهى كلامه قدسسره ملخّصاً.
ولقائل أنْ يقول : إنّ ما دلّ على سقوط القراءة عن المأموم وعدمه في غاية الاختلاف ، ومعه كيف يقيَّد الإطلاق بهذين الخبرين؟ ثم ما قاله قدسسره من أنّ النهي عن القراءة في الأخيرتين للكراهة قطعاً يشكل بأنّه يرجّح القراءة للإمام ، وإذا حملت الرواية على الكراهة بالنسبة إلى السؤال عن المصلّي خلف الإمام إذا لحق الأخيرتين يلزم أنْ يكون قوله عليهالسلام في الرواية : « لأنّ الصلاة إنّما يقرأ فيها في الأوّلتين » عائداً إلى الصلاة المسئول عنها ، والحال أنّ الحصر لا يتمّ ، لتحقّق القراءة بما ذكر في غيرها ، ولو حمل الحصر على الإضافي بالنسبة إلى الأخيرتين المذكورتين في السؤال لزم اختصاص التسبيح المذكور فيها بالمسؤول عنه ، وحينئذٍ يلزم احتمال
__________________
(١) المنتهى ١ : ٣٨٤.
(٢) المدارك ٤ : ٣٨٣. بتفاوتٍ يسير.