وقد يقال : إنّ ما ذكره من مورد الروايتين يمكن توجيهه ـ وإنْ أمكن المناقشة ـ بعدم المانع من حمل الاحتلام في الاُولىٰ علىٰ البلوغ ، وفي الثانية علىٰ حصول المني ، إلّا أنّ البعد غير خفي .
أمّا ما قاله من عدالة إسحاق ، ففيه : أنّ الضعف غير منحصر في إسحاق ، بل غياث بن كلوب غير موثّق ولا ممدوح ، إلّا أنّ يقال : بأنّه مجهول الحال فلا يحكم بضعفه ، فليتأمّل .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ العلّامة في المختلف نقل عن الشيخ في المبسوط والخلاف أنّه جوّز كون المراهق المميِّز العاقل إماماً في الفرائض ، وحكىٰ عن غير الشيخ أيضاً في الجملة ، ثم احتجّ العلّامة لما ذهب إليه من المنع بأنّه ليس من أهل التكليف ، ولا يقع منه الفعل علىٰ وجه الطاعة ، لأنّها موافقة الأمر ، والصبي ليس مأموراً إجماعاً ، وبأنّ العدالة شرط إجماعاً ، وهي غير متحققة في الصبي ، لأنّها هيئة قائمة بالنفس تبعث علىٰ ملازمة الطاعات والانتهاء عن المحرّمات ، وكلّ ذلك فرع التكليف ، وذكر غير ذلك ممّا قدّمناه . .
ثمّ نقل احتجاج الشيخ بإجماع الفرقة ، وأنّهم لا يختلفون في أنّ مَن هذه صفته تلزمه الصلاة ، وأيضاً قوله عليهالسلام : « مُرُوهُم بالصلاة لسبع » يدلّ علىٰ أنّ صلاتهم شرعية ، ولأنّه جاز أنْ يكون مؤذّناً فجاز أنْ يكون إماماً ، ولِما رواه طلحة وذكر الرواية الثانية .
ثمّ أجاب العلّامة بمنع الإجماع علىٰ تكليف غير البالغ ، بل لو قيل بالضد كان أولىٰ ، وأمر الولي بأمرهم ليس أمراً لهم ، ومشروعية صلاتهم إنْ عنىٰ بها أنّها مطلوبة للتمرين فهو مسلّم ، أمّا لاستحقاق الثواب فلا ، والرواية ضعيفة ، ومتأوّلة بالغلام الذي بلغ بالسنين ولم يحتلم (١) ، انتهىٰ .
__________________
(١) المختلف ٢ : ٤٨٠ .