بها في الظاهر قطيعة الرحم ربما يدلّ على تخصيص الذنب بالكبيرة ، وتخصيص الأمرين يحتمل أنْ يكون وجهه مورد السؤال ، فإنّ القريب إلى السؤال من الكبائر الأمران.
ويمكن أنْ يقال : إذا ثبت في بعض الكبائر الحكم ثبت في الجميع ؛ لعدم القائل بالفصل ، بل المقصود الأهمّ أنّ مقارفة الذنب ليس على وجه العموم ، لخبر عمر بن يزيد ، ويمكن أنْ يراد بالذنب : المشهور وهو الكبائر ، وعلى هذا يحتمل أنْ يراد بالمجاهر بالفسق فاعل الكبائر ، ويحتمل أنْ يراد به المخالف ، والعدول عنه إلى نكتة لا تخفى.
وما عساه يقال : إنّ المجهول لا وجه للمنع فيه إلاّ الفسق ؛ سيعلم الجواب عنه إن شاء الله.
وممّا حرّرناه يعلم أنّ احتمال إرادة من هو بالوصف الحاصل من الأخبار غير المرضي ، والمرضي في الأخبار الأُخر ، وكذا الموثوق به ، والدلالة على العدالة بالإطلاق محل بحث ، إلاّ أنْ يقال : إنّ الآية الواردة في الشهادة بقوله تعالى ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ ) (١) / مع آية ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ ) (٢) تدلّ على أنّ المرضي هو العدل ، وفيه ما لا يخفى.
الموضع الثاني : على تقدير اعتبار العدالة فحقيقتها الشرعية غير معلومة ، وقد سبق في تعريفها في باب الجمعة بأنّها ملكة نفسانية باعثة على ملازمة التقوى ، التي هي القيام بالواجبات وترك المنهيات الكبيرة مطلقاً والصغيرة مع الإصرار عليها ، وملازمة المروءة (٣).
__________________
(١) البقرة : ٢٨٢.
(٢) الطلاق : ٢.
(٣) تقدّم في ص ٥٥.