ولا يذهب عليك أنّه يتوجه علىٰ العلّامة أولاً : أنّ عموم الأمر إنْ أراد به الآية فهي ظاهرة فيمن يسمع النداء ، وإنْ اُريد به الأخبار الدالة علىٰ الجمعة ففيه أنّها لا تخرج عن الإطلاق ، وما دلّ علىٰ السقوط مقيّد ، والآية بتقدير احتمال شمولها كذلك .
فإن قلت : إنّ الأخبار مع تعارضها لا تقيّد المطلق الدال علىٰ الوجوب .
قلت : التعارض إنّما يتم فيه ما ذكرت بتقدير المساواة ، ورواية زرارة في الفقيه صحيحة ، والروايتان هنا إحداهما حسنة والاُخرىٰ ضعيفة ، واحتمال الوهم الذي ذكره في غاية البُعد ، سيّما بعد ما قلناه .
ولعلّ الأولىٰ أن يقال : إنّ رواية زرارة في الفقيه محمولة علىٰ ما زاد ؛ إذ الاتفاق علىٰ رأس الفرسخ نادر ، هذا علىٰ تقدير التكافؤ .
وثانياً : أنّ ما ذكره في الجواب عن حجة ابن بابويه من المشقّة يتوجه عليه في استدلاله لما زاد بالمشقّة ؛ وأصالة براءة الذمّة يشكل بما ذكره من إطلاق الأوامر ، إلّا أن يقال بخروج ما زاد بالإجماع ، وفيه : أنّه خروج عن الاستدلال مع وجود القول الآتي لابن أبي عقيل .
وأمّا الثالث : فقد نقل العلّامة عن ابن أبي عقيل القول بمضمونه والاستدلال به ، وأجاب عن ذلك بالحمل علىٰ الاستحباب (١) . وربما يشكل الحمل علىٰ الاستحباب بأنّ ما دلّ علىٰ السقوط فيما زاد لا يخرج عن الإطلاق ، والخبر المبحوث عنه مقيد علىٰ تقدير تكافؤ الخبرين ، مضافاً إلىٰ ما ذكره من عموم الأمر . ويمكن الجواب بأنّ احتمال الاستحباب أقرب إلىٰ
__________________
(١) انظر المختلف ٢ : ٢٤٣ .