علىٰ بلوغ من خلفه محل تأمّل . وما عساه يقال إنّ التعبير بقوله : « جازت صلاته » دون « صحّت » يدلّ علىٰ أنّ عبادته لا توصف بالصحّة ، وحينئذٍ يدلّ ذكر الفساد علىٰ البالغ ؛ محل تأمّل أيضاً . .
والحاصل أنّ منع كون عبادة الصبي شرعية محل بحث ، كما أنّ عدم اتصافها بالصحّة والفساد كذلك .
فإنْ قلت : قد صرّح البعض بأنّ الصحّة والبطلان من خطاب الوضع ، فلا يدلّ علىٰ ما ذكرت من إرادة البالغ .
قلت : الذي صرّح بما ذكرت جدّي قدسسره في الروضة ، وأظنّ أنّه غير تام ، وقد أوضحت الحال في حواشي الروضة .
وحاصل الأمر أنّه ذكر في الروضة في كتاب الصوم عند قول الشهيد رحمهالله : وفي الصحّة التمييز . ويعلم منه أنّ صوم المميز صحيح ، فيكون شرعياً ، وبه صرّح في الدروس ، ويمكن الفرق بأنّ الصحّة من أحكام الوضع فلا يقتضي الشرعية ، انتهىٰ (١) .
وقد يقال : إنْ أراد بكون الصحّة من أحكام الوضع أنّ الشارع لم يحكم بها ، وإنّما الحاكم بها العقل ، كما ذكره ابن الحاجب . ففيه : أنّ هذا لا يقتضي كون الصحة ليست من الأحكام الشرعية ؛ إذ لا مانع من كونها من الأحكام الشرعية بواسطة العقل ، علىٰ معنىٰ أنّ العقل حاكم بأنّ ما وافق أمر الشارع فهو صحيح .
وإنْ أراد أنّ الصحّة لا تتوقف علىٰ توقيف الشارع عليها ، بمعنىٰ أنّه لا يحتاج إلىٰ تنصيصه علىٰ الصحّة ، فلزوم كون الصحّة تقتضي أنّ الحكم
__________________
(١) الروضة البهية ٢ : ١٠١ .