والخامس المستدل به : ربما دل علىٰ أنّ القراءة ليست حقيقة علىٰ معنىٰ القراءة خفية ، إلّا أنّ حمله علىٰ ما قاله ممكن لولا أنّ ما قيده في التقية لا يدلّ عليه الخبران ، علىٰ أنّ الظاهر من الخبر الرابع استبعاد عدم القراءة أصلاً ، فلولا أنّه فهم ذلك لما كان له وجه . أو يقال : إنّ الخبر يدل بسبب الاستبعاد علىٰ وجوب الجهر . إلّا أنّ مثل هذا لا يصلح للاستدلال ، لا بالنسبة إلىٰ السند ، فإنّه واضح ، بل من جهة الاستبعاد إذ لا يعلم وجهه لاحتمال إرادة القراءة علىٰ الوجه الأكمل وهو الجهر .
والسادس : صريح في أنّ القراءة ليست إخفاتية فيؤيّد ما ذكرناه في الخامس ؛ أو يقال : إنّ الإخفاتية لا يشترط فيها إسماع النفس كما قاله الأصحاب (١) ، أو أنّ سماع القراءة مفسرة غير معتبر بل يكفي السماع في الجملة ، لكن الإنصات المأمور به في الخامس ربما يتحقق مع الإخفات . وغير بعيد الحمل علىٰ التقية في الخبرين ، كما يعلم من مذهب بعض أهل الخلاف (٢) ، إلّا أنّ بعضهم قائل بالقراءة (٣) . والترجيح محل تأمّل .
قوله :
فأمّا ما رواه سعد ، عن موسىٰ بن الحسين والحسن بن علي ، عن أحمد بن هلال ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أحمد بن عائذ قال : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : إنّي أدخل مع هؤلاء في صلاة المغرب فيعجّلوني إلىٰ ما أنْ اُؤذّن واُقيم فلا أقرأ شيئاً حتىٰ إذا ركعوا
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٢٢٦ ، روض الجنان : ٢٦٥ .
(٢) حكاه عن أبي حنيفة في بداية المجتهد ١ : ١٥٤ .
(٣) حكاه عن الشافعي في بداية المجتهد ١ : ١٥٤ .