لكن لم يحضرني الآن محله ، وللكلام فيه مجال.
إذا عرفت هذا فما ذكره الشيخ من الحمل على الفضل والاستحباب كأنّه يريد به كراهة إمامة العبد لغير أهله ؛ إذ الجواز في الجماعة لا وجه له ، بل يكون أقلّ فضلاً ، على نحو ما قدّمناه في الباب السابق.
فإنْ قلت : عبارته لا تدلّ على الكراهة ، بل تدلّ على أنّ الفضل في إمامته لأهله ، ولغيرهم يجوز الحمل على الإباحة الشرعية لا الكراهة.
قلت : الإباحة الشرعية لا تخلو من تأمّل ؛ لأنّ تساوي طرفي الفعل والترك في الثواب غير معقول ، لعدم مناسبته حكمة الشارع ، وإذا ترجّح الفعل لم يتحقق التساوي ، وقد أوضحت القول في محلٍ آخر ، والحاصل أنّه يمكن ادّعاء تحقق الثواب في الترك بقصد الامتثال ، إلاّ أنّ المساواة للفعل محل تأمّل.
فإنْ قلت : المباح لا أمر فيه ، والثواب فرع الطلب.
قلت : الثواب فرع امتثال مراد الشارع سواء وجّه الحكم بالأمر والنهي أو بغيرهما. وما قد يفهم من كلام بعض في الأُصول : أنّ المباح الشرعي قسيم الاقتضاء ، فلا يكون مأموراً به. يدفعه ما ذكرناه ، فليتأمّل.
فإنْ قلت : من أين الدلالة على الكراهة مع انتفاء الإباحة الشرعية في كلام الشيخ؟.
قلت : لأنّ المعروف بين الأصحاب أنّ الأقلّ ثواباً مكروه العبادة ، والمفروض هنا ذلك.
أمّا ما ظنه بعض أفاضل المتأخرين رحمهالله من أنّ اللازم من كون الأقلّ ثواباً مكروهاً كراهة مثل الصلاة في البيت ، لأنّها أقلّ ثواباً من المسجد ، بل المسجد أيضاً متفاوت.