الذي مع الفصل. ويحتمل الصحّة ؛ لقيام فصل آخر عوضه وهو الانفراد ، لكن لمّا لم يكن الانفراد مقصوداً احتمل البطلان ، لعدم تقوّم الجنس بدون فصل ، إلاّ أنْ يقال : إنّ جنس الصلاة لا بُدّ له من فصل ، إمّا الانفراد أو الجماعة ، فإذا انتفت الجماعة خلفها الانفراد ، وفيه : أنّ الانفراد يتوقّف على القصد ؛ نعم لو كان صيرورة الصلاة فرادى من غير قصد ممكناً توجّه الاحتمال ، ولا أعلم القائل بهذا ، ومن هنا يتّجه أنْ يقال بالبطلان لهذا الوجه ، ولم أرَ من ذكره من الأصحاب.
أمّا ما تخيّله بعض الأفاضل رحمهالله من أنّ المفارقة في الأثناء إذا جازت على قولٍ لما سبق من بعض أدلّته في هذا الكتاب عن قريب (١) فلا وجه للإثم مع العمد إذا رفع قبل الإمام ؛ فيدفعه : أنّ كلام القوم في الإثم مع بقاء القدوة قصداً ، ولهذا قال في المعتبر : تجب متابعة الإمام في أفعال الصلاة ، وعليه اتفاق العلماء (٢) ؛ مع أنّه هو (٣) وغيره (٤) نقل جواز الانفراد ، بل نُقل عن العلاّمة في النهاية دعوى الإجماع (٥) ، غاية الأمر أنّه يمكن أنْ يقال على القول بعدم وجوب استمرار الجماعة : لو (٦) تعمّد الإنسان المفارقة لا الانفراد مع قصد الجماعة لا وجه للإثم ، وقد ادُّعي الإجماع على الإثم فيدخل فيه القائل بجواز الانفراد.
وقد يجاب : بأنّ العبادة كيفية متلقاة من الشارع ، فإذا فعلها الإنسان
__________________
(١) راجع ص ١٨٥ ١٨٢.
(٢) المعتبر ٢ : ٤٢١.
(٣) المعتبر ٢ : ٤٤٨.
(٤) روض الجنان : ٣٧٨.
(٥) حكاه عنه في روض الجنان : ٣٧٨ ، نهاية الإحكام ٢ : ١٢٨.
(٦) في « م » : ولو.