وما يدلّ عليه بعض الآيات من المؤاخذة مخصوص بالإيمان.
وفيه : أنّ التخصيص موقوف على الدليل ، وقد وجدت في الكافي حديثاً بطريق حسن عن بكير تضمّن أنّ من همّ بسيّئةٍ لم تكتب عليه ، فإنْ عملها كتبت عليه سيّئة (١). وهذا يدلّ على أنّ العقوبة على الفعل دون العزم ، فتأمّل.
فإنْ قلت : ما وجه ما ذكرته بقولك : أو جزؤها عدم الانفراد؟
قلت : لأجل دخول الحالة التي لم يفعل فيها المتابعة ولم يقصد الانفراد مع صحّة الجماعة عند المعروفين.
وما عساه يقال : إنّ العدم لا يكون جزءاً.
يمكن الجواب عنه : بأنّ العدم في الأحكام الشرعية قد يذكر ويراد به ما يرجع إلى الوجود ، وهنا قد يعبّر عن العدم بالحالة التي لم يقصد فيها الانفراد ، ولهذا في الفقه نظائر يطول بذكرها لسان المقال ، فينبغي التأمّل التام فيما ذكر على حسب مقتضى الحال.
وإذا عرفت هذا فاعلم أنّه يمكن أنْ يؤيَّد خبر غياث بالأصل ؛ لأنّ الأصل الصحّة بعد تحققها قبل فعل ما فعل ، وما دلّ من الأخبار المعتبرة كصحيح علي بن يقطين المنقول من التهذيب (٢) ، وغيره كالخبر الأوّل من المبحوث عنهما يحمل على جواز الرجوع ( إنْ لم يثبت الإجماع على استمرار العامد وجوباً ، أمّا ما ذكره الشيخ من حمل ما دلّ على الرجوع ) (٣) على الساهي فيحتاج إلى ترجيح بعد ما ذكرناه من الحمل.
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٤٠ الايمان والكفر ب ١٩٣ ح ١ ، وفيه : عن ابن بكير.
(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٧ / ٨١٠.
(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م ».