وأمّا الثاني : ففيه دلالة علىٰ أنّه إذا كان لهم من يخطب جمعوا صريحة (١) ، كما أنّ دلالته علىٰ إطلاق الجمعة علىٰ الظهر كذلك ، واحتمال إرادة : صلّوا ما يقوم مقام الجمعة . بعيد .
الثالث : ربما استأنس به بعض الأصحاب (٢) في إفادته الوجوب التخييري ، من حيث قوله : حثّنا ؛ إذ العيني لا يناسبه ذلك .
وأجاب عنه جدي قدسسره في الرسالة : بأنّ زرارة قد روى ما يدل علىٰ العيني ، وأراد به ما رواه الشيخ في التهذيب عنه ، من قوله عليهالسلام : « فرض الله علىٰ الناس من الجمعة إلىٰ الجمعة خمساً وثلاثين صلاة » الحديث (٣) .
ثم قال قدسسره ما ملخصه : والذي يظهر أنّ السرّ في التهاون بصلاة الجمعة ـ يعني الموجب للحثّ ـ ما عهده من قاعدة المذهب أنّهم لا يقتدون بالمخالف والفاسق ، والجمعة إنّما تقع غالباً من أئمّة أهل الخلاف ، وخصوصاً في المدن المعتبرة ، وزرارة من الكوفة ، وهي أشهر مدن الإسلام ، وإمام الجماعة فيها مخالف ، فكان يتهاون لهذا الوجه (٤) ، انتهىٰ .
وقد يقال : إنّه يجوز كون الحثّ علىٰ فعلها تقيةً معهم ، لكون زرارة مشهوراً عند أهل الخلاف ، وربّما يؤيد هذا أنّ إقامة الجمعة علىٰ مذهب أهل الحق من زرارة يخالف الأمر بالتقية ، سيّما بما ذكره في مثل الكوفة .
ثم إنّ رواية زرارة ( المتضمنة لقوله عليهالسلام ) (٥) إنّ الله فرض كذا وكذا مع روايته الحثّ ، لو [ حملتا ] (٦) علىٰ التخيير لا تضاد ، لجواز الفرض
__________________
(١) ليست في « رض » و « فض » .
(٢) حكاه الشهيد الثاني في الرسائل : ٥٩ .
(٣) التهذيب ٣ : ٢١ / ٧٧ .
(٤) رسائل الشهيد الثاني : ٦٠ بتفاوت يسير .
(٥) ما بين القوسين ساقط عن « م » .
(٦) في النسخ : حمل ، والأولىٰ ما أثبتناه .