قاعدة :
كل ما وقع الاتفاق على أصل أجريت فروعه عليه وقد يختلف فيها لعارض ثمَّ قد يكون الاختلاف بعد تعيين العلة ، كالاتفاق على أن العلة في طهورية الماء هي إطلاقه ثمَّ خالف العامة في المتغير بالتراب المطروح قصدا أو بالملح المائي.
وهذا عجيب ، لأن العلة إذا كانت قائمة كيف يتخلف عنها المعلول؟ قالوا هذه تسلب اسم الماء ، لأن طهوريته إما تعبد لا يعقل معناه وإما لاختصاصه بمزيد لطافة ورقة ونفوذ لا يشاركه فيها سائر المائعات. وعلى التقديرين المناط للاسم. قلنا : مسلم ، لكن التقدير أنه لم يزل الاسم بهذا النوع من التغير ، ولو زال فلا إشكال في زوال الطهورية.
وقد يكون الاختلاف بعد تعيين العلة ، والمرجع فيه إلى العرف ، كالغرر في البيع ، فإنه نهي عنه مع الاختلاف في صحة بيع سمك الآجام مع ضم القصب وشبهها من الأحكام ، فمن أبطله يقول لا تغني الضميمة عن معرفة المنضم إليه مع كونه مقصودا فالغرر بحاله ، ومن صححه يقول الضميمة معلومة والباقي في ضمنها ، كالحمل في بيع الدابة إذا شرط أو مطلقا على قول الشيخ وابن البراج.
وليس من هذا بيع الغائب ، لأن الوصف الشارح يزيل الغرر عرفا وما فات من اللفظ يتدارك بخيار الرؤية ، فمثله لا يسمى غررا عرفا.
وقد يكون الاختلاف بعد تعيين العلة ، والمرجع فيه إلى الحس ، كزوال تغير الماء بالتراب عند من قال من الأصحاب بطهارة الماء بزوال التغير كيف اتفق ، فمن قال : التراب مزيل فهو كالماء في التطهير ، ومن قال ساتر فهو كالمسك والزعفران في عدم التطهير. فحاصل الاختلاف راجع إلى أمر حسي.
ومنه ما يكون قبل تعيين العلة ، والنزاع إنما هو في العلة ، كالقول بعدم طهورية الماء المستعمل والاختلاف في التعليل إما بأداء الفرض أو أداء العبادة.