قاعدة :
الفرق بين الفتوى والحكم مع أن كلا منهما إخبار عن حكم الله تعالى يلزم المكلف اعتقاده من حيث الجملة : أن الفتوى مجرد إخبار عن الله تعالى بأن حكمه في هذه القضية كذا ، والحكم إنشاء إطلاق أو إلزام في المسائل الاجتهادية وغيرها مع تفاوت المدارك فيها مما يتنازع فيه الخصمان لمصالح المعاش ، فبالإنشاء تخرج الفتوى لأنها إخبار والإطلاق والإلزام نوعا الحكم ، وغالب الأحكام إلزام.
وبيان الإطلاق فيها الحكم بإطلاق مسجون لعدم ثبوت الحق عليه ، ورجوع أرض تحجرها شخص ثمَّ أعرض عنها وعطلها ، وبإطلاق حر من يد من ادعى رقه ولم يكن له بينة.
وبتقارب المدارك في مسائل الاجتهاد يخرج ما ضعف مدركه جدا ، كالعول والتعصيب وقتل المسلم بالكافر ، فإنه لو حكم به حاكم وجب نقضه.
وبمصالح المعاش يخرج العبادات ، فإن لا مدخل للحكم فيها ، فلو حكم الحاكم بصحة صلاة زيد لم يلزم صحتها ، بل إن كانت صحيحة في نفس الأمر فذاك وإلا فهي فاسدة ، وكذا الحكم بأن مال التجارة لا زكاة فيه أو أن الميراث لا خمس فيه ، فإن الحكم فيه لا يرفع الخلاف بل للحاكم غيره أن يخالفه في ذلك. نعم لو اتصل بما أخذ الحاكم ممن حكم عليه بالوجوب مثلا لم يجز نقضه ، فالحكم المجرد عن اتصال الأخذ إخبار كالفتوى وأخذه للفقراء حكم باستحقاقهم فلا ينقض إذا كان في محل الاجتهاد.
ولو اشتملت الواقعة على أمرين أحدهما من مصالح المعاد والآخر من مصالح المعاش ـ كما لو حكم بصحة حج من أدرك اضطراري المشعر وكان نائبا ـ فإنه لا أثر له في براءة النائب في نفس الأمر لكن يؤثر في عدم رجوعهم