قاعدة :
النهي عن الغرر والجهالة كما جاء في الخبر من نهيه صلوات الله عليه عن الغرر وعن بيع المجهول في قضية كلام الأصحاب مختص بالمعاوضات المحضة كالبيع ، فهنا أقسام ثلاثة :
( الأول ) لصرف موجب لتنمية المال وتحصيلها بإزاء عوض محض مقصودا بالذات ، كالبيع بأقسامه والصلح على الأقوى والإجارة منفعة وعوضا على الأقرب. وهذا لا تجوز فيه الجهالة.
( الثاني ) إحسان محض لا قصد فيه إلى تنمية المال ولا تحصيل ربح ، كالصدقة والهبة والإبراء. وهذا لا تضر فيه الجهالة ، إذ لا ضرر في نقصه ولا في زيادته.
( الثالث ) تصرف الغرض الأهم فيه أمر وراء المعاوضات ، كالنكاح فإن المقصود فيه الذاتي هو الألفة والمودة وتحصيل التحصين عن القبائح وتكثير النسل ، ولكن قد جعل الشرع فيه عوضا لقوله تعالى « أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ » (١) « وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً » (٢) ، فبالنظر إلى الأول جاز تجريده عن المهر وجهالة قدره ، وبالنظر إلى الثاني امتنع فيه الغرر الكثير ، كالتزويج على عبد آبق غير معلوم أو بعير شارد غير معلوم.
ومن ثمَّ قال الأصحاب : لو تزوجها على خادم أو بيت كان لها وسط (٣) لقلة الغرر فيه. وكذلك الخلع يكفي في ماله المشاهدة ، لأن البضع ليس عوضا محضا ، ولهذا كان الغالب النزول عنه بغير عوض كالطلاق.
__________________
(١) سورة النساء : ٢٤
(٢) سورة النساء : ٤.
(٣) في ص : أو بنت فإن لها وسط.