فالأول إما لجلب النفع ، وهو ما يدرك (١) بالحواس الخمس ، فإن كل حاسة لها حظ من الأحكام الشرعية ، فللسمع الوجوب كما في القراءة الجهرية والتحريم كما في سماع الغناء وآلات اللهو ، وللبصر الوجود كما في الاطلاع على العيوب وإرادة التقويم (٢) ، والتحريم كما في تحريم النظر إلى المحرمات ، وللمس (٣) أحكام الوطء ومقدماته بل المناكحات كلها الغرض الأهم منها اللمس ، ويتعلق باللمس أيضا اللباس والأواني وإزالة النجاسات وتحصيل الطهارات ، ويتعلق بالذوق أحكام الأطعمة والأشربة والصيد والذبائح. وإما لدفع الضرر ، وهو حفظ المقاصد الخمس.
والثاني وهو الذي يكون مقصودا بالتبع ، فهو كل وسيلة إلى المدرك بالحواس أو إلى حفظ المقاصد ، ويجيء مفصلا.
[القاعدة] الرابعة :
الحكم خطاب الشرع المتعلق بالأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع.
فالاقتضاء هو الطلب ، إما للوجود مع المنع من النقيض وهو الوجوب أو لا معه هو الندب وإما للعدم مع المنع من النقيض وهو التحريم أو لا معه وهو الكراهة.
والتخيير الإباحة ، والوضع هو الحكم على الشيء بكونه سببا أو شرطا
__________________
(١) أي هو حكم يتعلق بما يدرك بالحواس الخمس ، وإلا فالحكم لا يدرك بالحواس الخمس.
(٢) أي تقويم المبيع ، فإن تقويمه موقوف على الرؤية فتجب.
(٣) أي يجري في اللمس الذي هو أحد الحواس أحكام الوطء والمناكحات من الوجوب والحرمة وغيرهما من الأحكام الخمسة. وفي بعض النسخ : إذ الغرض الأهم منها اللمس.