( الرابع ) أن جميع العبادات وقع فيها التقرب إلى غير الله تعالى إلا الصوم فإنه لم يتقرب به إلا إلى الله وحده. أجيب بأن الصوم يفعله أصحاب استخدام الكواكب.
( الخامس ) أن الصوم يوجب صفاء العقل والفكر بواسطة ضعف القوى الشهوية بسبب الجوع ، ولذلك قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تدخل الحكمة جوف مليء طعاما ، وصفاء العقل والفكر يوجبان حصول المعارف الربانية التي هي أشرف أحوال النفس الإنسانية. أجيب بأن سائر العبادات إذا واظب عليها أورثت ذلك ، خصوصا الصلاة ، قال تعالى « وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا » (١) وقال تعالى « اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ » (٢) قال بعضهم لم أر فيه فرقا تقربه العين ويسكن إليه القلب.
ولقائل أن يقول : هب (٣) أن كل واحد من هذه الأجوبة مدخول بما ذكر فلم لا يكون مجموعها هو الفارق ، فإنه لا تجتمع هذه الأمور المذكورة لغير الصوم. وهذا واضح.
فائدة :
روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من صام رمضان واتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر (٤). فيه مباحث :
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٦٩.
(٢) سورة الحديد : ٢٨.
(٣) قال في الصحاح : هب بمعنى احسب ، يقال هب زيدا منطلقا بمعنى احسب ، يتعدى إلى مفعولين ولا يستعمل فيه ماض ولا مستقبل في غير هذا المعنى.
(٤) الأشعثيات : ٥٩ ، الجامع الصغير : ١٧٤.