وفيه تنبيه على اعتبار أرفع القيم ، فإنه من المعلوم أن قيمته عند الولادة أرفع غالبا. ولك أن تقول : الحمل على انعقاده رقيقا أولى ، ويحمل قولهم « انعقد حرا » على أوله إلى ذلك لا محالة ، وهو مجاز مشهور ، وفيه توفيق بين الكلامين ، وجري على قاعدة الضمان يوم التلف.
قاعدة :
الضمان قد يكون بالقوة وقد يكون بالفعل ، فالأول الحكم بضمان ما يجب ضمانه عند تلفه ، وأثره استعداد الذمة لذلك ، والعود إليه عند التلف لو كانت القيمة العليا قبله.
والضمان الفعلي : تارة بعد تلف العين ، ولا ريب أنه مبرئ لذمة الضامن ، ويكون من باب المعاملة على ما في الذمم بالأعيان وهو نوع من الصلح. وتارة يتبع بقاء (١) العين لتعذر ردها ، وهو ضمان في مقابلة فوات اليد ، والتصرف والملك باق على مالكه.
وفي وجه للأصحاب أن الضمان في مقابلة العين المغصوبة ، لأنها التي يجب ردها ، فالضمان بدل عنها.
قلنا : العين باقية والفائت إنما هو اليد ، والتصرف والضمان الفعلي إنما هو عن التالف بالفعل. وتظهر الفائدة في الظفر به فيما بعد ، فعلى الأول يترادان وعلى الثاني لا ، حتى قال بعض العامة : لو كان المغصوب قريب الغاصب عتق عليه. وتوغلوا في ذلك حتى ملكوا الغاصب ما غير صفته كالطحن والخياطة
__________________
(١) في ص : مع بقاء.