ولا تنافي بين الإمكان الذاتي والانتفاع الغيري ولا يرد النقض بملك الملك لأنه لا يسمى ملكا حقيقيا ، وكذا الضيافة إذ الأصح أنه لا يملك إلا بالمضغ ، ولا بالوقف عند من قال بملك الموقوف عليه لأن الانتفاع حاصل به في الجملة والاعتياض قد يحصل في صور بيع الوقف ، ولا مالك الانتفاع دون المنفعة كالمسكن لأن ذلك لا يعد ملكا حقيقيا.
وعلى هذا الملك من الأحكام الخمسة ، أعني الإباحة ، وله اعتبار يلحقه بالوضع ، إذ هو سبب في الانتفاع إلا أنه غير المصطلح ، إذ الضابط في خطاب الوضع ما كان متعلقا بأفعال المكلف لا على وجه الاقتضاء والتخيير.
ولو صلحت السببية هنا بجعله (١) من خطاب الوضع لكان أكثر الأحكام منه ، إذا النكاح مثلا سبب في الحل والحل سبب في وجوب حقوق الزوجة التي هي سبب في أمور أخر ، والدلوك سبب في وجوب الصلاة والوجوب سبب لاستحقاق الثواب بالفعل والعقاب بالترك. وسبب تقدمه على غيره من المندوبات.
قاعدة :
أقسام الملك قد يكون للرقبة ، وقد يكون للمنفعة ، وقد يكون للانتفاع ، وقد يكون للملك (٢). وهو المعبر عنه بقولهم « ملك أن يملك ».
والأولان ظاهران ، وأما ملك الانتفاع فكالوقف على الجهات العامة عند من قال ينتقل إلى الله تعالى ، فإن الموقوف عليه يملك انتفاعه به ، كالمدارس والربط فله السكنى بنفسه والارتفاق وليس له الإجارة.
ومنه ملك الزوج للبضع ، فإنه إنما يملك الانتفاع به ، ولهذا لو وطئت
__________________
(١) في ص : لجعله.
(٢) في ص : وقد يكون بملك الملك.