الشارع به تخفيفا لعموم البلوى ، فلا بد فيه من النقاء وعدد الأحجار جمعا بين النص والمعنى.
والعامة اضطربوا هنا : فمنهم من رأى هذا دالا على العفو فجوز ترك الاستجمار ثمَّ عداه إلى كل نجاسة بقدر الدرهم إذ هو مقدار المسربة (١) غالبا ، ومنهم من اعتبر النقاء ولو بواحد نظرا إلى المعنى ولم يعد الحكم إلى غيره ، ومنهم من حمل على النص واعتبر التعدد لا النقاء.
وإذا اعتبرنا النص فالمراد بالحجر المسحة فيجزي ذو الوجوه. والمأخذ ما روي أن النبي صلىاللهعليهوآله حمل إليه حجران وروثة فألقى الروثة واستعمل الحجرين (٢). فإن الظاهر أنه استعمل وجهي أحدهما.
قاعدة :
ألحق بعض العامة إزالة النجاسة بالماء بالرخص. قال : لأن الماء إن كان قليلا فالجزء الذي يلاقي النجاسة ينجس ثمَّ ينجس المجاور له ثمَّ المجاور له حتى ينجس جميع ما في الآنية التي يصيب (٣) بها كل جزء من الماء الكثير ، لو كان ماء البحر فإنه منفصل في الحقيقة وإن كان متصلا في الحس ، فإذا لاقته نجاسة ينجس ذلك الجزء فينجس ما يجاوره وهلم جرا فحينئذ إزالة النجاسة من باب الرخص والغرض بها إنما هو زوال الأعيان عن الحس.
__________________
(١) المسربة : بفتح الميم وسكون السين وفتح الراء : مجرى الغائط ومخرجه سميت بذلك لانسراب الخارج منها فهي اسم للموضع.
(٢) صحيح البخاري : باب الاستنجاء بالحجارة من أبواب الوضوء.
(٣) في ص : التي يصب بل كل جزء.