( القاعدة الثانية ) ذهب بعضهم إلى أنه إذا نوى بالعام الخاص لا يتخصص به بل يكون ذكر الخاص توكيدا للنسبة إليه والنسبة إلى غيره باقية بحالها ، فلو قال « لا كلمت أحدا » ونوى زيدا عمه بالقصد الثاني وغيره بالقصد الأول ، إلا أن ينوي مع ذلك إخراج من عدا زيد ، لأن المخصص يجب أن يخالف حكم العام وذكر زيد لا يخالفه ، فهو مثل خبر شاة ميمونة مع قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أيما إهاب دبغ فقد طهر (١).
فإن قيل : لو قال « والله لا لبست ثوبا » ونوى القطن كان بمثابة قوله « ثوبا قطنا » ، ولو قال ذلك تخصص به وإن كان غافلا عن غيره.
أجيب : بأن المعلوم من كلام العرب أن اللفظ المستقل بنفسه إذا ألحق به غير المستقل صير الأول غير مستقل ، كما في الاستثناء والغاية ، ولم يثبت ذلك في النية حتى يجري مجرى اللفظ ، ومن ثمَّ لو قال « له عشرة إلا تسعة » قبل ، ولو قال « تنقص تسعة أو أديتها » لم يقبل ، لاستقلال الضميمة بنفسها.
قلت : كلما تلفظ به كان مخصصا ، إذ اللفظ المذكور صالح له ، فينبغي أن يكون بنية تنافي التخصيص ، إذ يصير ذلك بمثابة الملفوظ ، لأن التقدير صلاحية اللفظ له. واستعمال العام في الخاص من هذا القبيل ، فيصير الجزء الأخير كغير المذكور في عدم تناول اللفظ إياه.
ولأن الصفة المتعقبة يجوز جعلها مؤكدة ولا يخرج ما عداها ، ويجوز جعلها
__________________
إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس ، شيء أحب إليه مما أمامه كره لقاء الله فكره الله لقاءه ـ انتهى.
وقد يقال : إن الموت ليس نفس لقاء الله ، فكراهته من حيث الألم الحاصل منه لا يستلزم كراهة لقاء الله ، وهذا ظاهر وأيضا فحب الله سبحانه يوجب الاستعداد التام للقائه بكثرة الأعمال الصالحة ، وهو يستلزم كراهة الموت القاطع لها.
(١) الجامع الصغير : ١١٨.