للاستغناء عنه بالركعة الزائدة المنافية.
فإن قلت : هذا باطل إن التسليم ليس جزءا لكن التشهد جزء قطعا ، فلا تكون الصحة مستندة إلى الإتيان بالمنافي بدلا عن التسليم بل إلى أنهما ليسا ركنا ، وترك غير الركن لا تبطل الصلاة.
قلت : هذا أيضا لا ينافي وجوب التسليم ، إذ لا يلزم من نفي ركنيته نفي وجوبه ، لأن انتفاء الأخص لا يلزم منه انتفاء الأعم. على أن الجلوس بقدر التشهد جاز أن يكون مصاحبا للتشهد فلم يتخلف سوى التسليم واستغني عنه بالإتيان بالمنافي. فظهر بذلك كله ضعف تمسك القائل بندب التسليم وبقاء أدلة الوجوب خالية عن معارض.
قاعدة :
إذا دل دليل على حكم لم يكف به إلا بعدم المعارض ، لأن وجود المقتضي مع وجود المانع لا أثر له ، وخصوصا إذا كان ذلك الدليل قاصرا في كيفية الدلالة عن المعارض ، فلا يجوز أن يجعل مدلول ما عارضه مدلولا له وإلا لكان قد أقيم منافي الشيء مقام ذلك الشيء ، وهو غير جائز.
ومن ذلك يظهر أنه لا يمكن الاستدلال بقوله تعالى « وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً » (١) على وجوب التسليم على النبي « صلىاللهعليهوآله » في الصلاة ، لأن الإجماع واقع على خلاف الدليل ، إذ الإجماع حاصل على استحبابه فيها وعدم تكرره وفوريته. والآية لو سلم كونها في التسليم عليه « صلىاللهعليهوآله » لم تدل على التكرار ولا على الفورية ولا على كونه في الصلاة ، فكيف يجوز أن يجعل ما أجمع على منافاته للدليل موردا له.
__________________
(١) سورة الأحزاب ٥٦.