[ القاعدة ] الثانية :
لما تقرر في علم الكلام كون أفعاله تعالى معللة بالأغراض واستحالة عود الغرض إليه وجب كونه لمصالح عبيده ، وهو إما جلب نفع أو دفع ضرر ، وكلاهما إما دنيوي أو أخروي. فالأحكام الشرعية لا تخلو من أحد هذه الأربعة ، وهي تنظم (١) كتب الفقه.
وقد قررها الأصحاب بأن غرض الحكم الشرعي أما أخروي وهو العبادات أو دنيوي لا يفتقر إلى عبارة وهو الأحكام ، أو يفتقر إلى عبارة إما من الطرفين وهو العقود ، أو من طرف وهو الإيقاعات.
وإن ، شئت قلت : الشرائع كلها لحفظ المقاصد الخمسة ، وهي : الدين ، والنفس ، والمال ، والنسب ، والعقل التي يجب تقريرها في كل شريعة ، فالدين يقتسم العبادات ، وحفظه بالجهاد وتوابعه (٢). وحفظ النفس بشرع القصاص ، وحافظة الحياة وما يتعلق بهما (٣). وحفظ النسب بالنكاح وتوابعه والحدود والتعزيرات ، وحفظ المال بأكثر العقود والتمليكات وحرمة الغصب والسرقة وغيرها. وحفظ العقل بتحريم المسكرات وما في معناها والحدود والتعزير وحفظ الجميع بالقضاء والشهادات وتوابعهما.
فائدة :
قد يجتمع في الحكم الواحد غرضان فما زاد ، فإن المكتسب لقوته وقوت عياله الواجبي النفقة إذا انحصر وجه التكسب في جهة وقصد به التقرب إلى الله
__________________
(١) في ص : وبقي تنظم.
(٢) ومنها قتل المرتد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(٣) كالدية والكفارة.