العلم أو أدرسه تقربا إلى الله تعالى » ، فإن ذلك لا عبرة به ، بل المراد الهمة على ذلك وبعث النفس وتوجهها وميلها إلى تحصيل ما فيه ثواب عاجل أو آجل تلفظ بذلك أو لا ، ولو قدر تلفظه بذلك والوجه (١) غيره فهو لغو.
( الخامسة والعشرون ) يجب التحرز من الرياء فإنه يلحق العمل بالمعاصي. وهو قسمان جلي وخفي ، والجلي ظاهر ، والخفي إنما يطلع عليه أولو المكاشفة والمعاملة لله ، كما يروى عن بعضهم أنه طلب الغزو وتاقت (٢) نفسه إليه فتفقدها فإذا هو يحب المدح بقولهم « فلان غاز » فتركه ، فتاقت نفسه إليه فأقبل يعرض على ذلك الرياء حتى أزاله ، ولم يزل يتفقدها شيئا فشيئا [ بعد شيء ] حتى وجد الإخلاص مع بقاء الانبعاث ، فاتهم نفسه وتفقد أحوالها فإذا هو يحب أن يقال « مات فلان شهيدا » لتحسن سمعته في الناس بعد موته.
وقد يكون ابتداء النية إخلاصا ، وفي الأثناء يحصل الرياء فيجب التحرز منه ، فإنه مفسد للعمل.
لا يكلف بضبط هواجس النفس وخواطرها بعد إيقاع النية في الابتداء خالصة ، فإن ذلك معفو عنه كما جاء في الحديث أن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها (٣).
وهنا تذنيبات (٤) ثلاثة :
( الأول ) ذهب بعض العامة إلى أن كل عبادة لا تلتبس بعبادة لا تفتقر إلى النية ،
__________________
(١) في ص والقواعد : والهمة.
(٢) تاقت نفسه إلى الشيء أي اشتاقت ونازعت إليه ، ونفس تائقة وتواقة أي مشتاقة.
(٣) أخرجه في البحار ٧٢ / ١٢٨ ، ط الكمپاني ١٥ / ٢٢٤. ورواه عن تفسير الرازي في تفسير الآية : ٢٨٥ و ٢٨٦ من سورة البقرة ، عن ابن عباس. راجعنا التفسير ولم نجده هناك.
(٤) في ص : تنبيهات.