التخلّي وإلقاء النجاسات والقذارات الضارّة للبناء ، أو لغيره من توابع تلك الأشياء ، أو للمنتفعين من الساكنين ، أو النازلين أو العابرين ، أو المستطرفين أو الجالسين ، بتلوّث ثيابٍ أو شمّ رائحةٍ خبيثةٍ أو بعث على زلق يخشى منه على المارّة إلى غير ذلك ، كما يحرم وضع الميتات في مواضع تردّد المسلمين إذا بعثت على تأذّيهم من شمّ رائحتها.
ومحلّ المنع موضع النفع ظاهراً أو باطناً ، وإن لم يكن ضرر فلا حذر وإن كره ، لأنّ الأُمور العامّة بمنزلة المباحات بالنسبة إلى الانتفاعات ما لم تكن منافية للأغراض المعدّة لها والمسبّبة لوضعها ، نعم لو جعلت مشروطة (١) لزم الاقتصار عليها.
وإذا تعدّدت الجهات اشتدّ المنع ، ومع الاضطرار والتعارض يعتبر الميزان ، فمن فعل شيئاً من ذلك في شيء من ذلك وجبت عليه إزالته ، وإذا امتنع جبر ، وإن لم يمكن (٢) فلا وجوب كفائيّ ؛ لأنّ على الواجد أن يدفع عن نفسه الضرر.
وإن كان خفيّاً ويخشى من الضرر المعتبر وظنّ ترتّب الضرر على النفوس المحترمة وجب إبلاغ الخبر ، والظاهر أنّ للحاكم ثم عدول المسلمين إن لم يكن أن يستأجروا ويأخذوا الأُجرة منه إذا لم يحصل متبرّع عنه.
ومنها : ما يتعلّق بالأملاك ، وفي حكمها الأوقاف الخاصّة ، والطرق المرفوعة ، وحريم الأملاك مع منافاة حقّ الحريم ؛ فإنّه لا يجوز التخلّي فيها إلا مع الإذن المعلومة بالنصّ أو الفحوى.
وفي الاغتناء عنها بمجرّد الاحتمال في مستثنيات أية نفي الجناح (٣) ، وفي مسألة المارّة لو قلنا بها إذا دخل إلى محلّ الاجتناء ، احتمال قويّ.
ولا بأس به في المواضع المتّسعة وإن كانت مغصوبة لغير الغاصب ومقوّميه وعمّاله في المغصوب باختيار منهم للزوم الحرج العامّ ، فيسري إلى الخاص ، وفي الخربة الخالية عن التحجير مع تردّد المسلمين إليه.
__________________
(١) في «ح» : مشروطاً ، والأنسب ما أثبتناه.
(٢) في «ح» : يكن.
(٣) لا جناح عليكم (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ ...) النور : ٦١.