تاسعها : ماء البئر ؛ وهو النابع من الأرض بواسطة الحفر على وجه مخصوص بحسب الطول والسعة ، وحقيقتها تعرف بالعرف ، وإذا اتّصل ما تعدّد من الابار بعض ببعض مع الوقوف أو الانتهاء إليه لم يخرج عن كونه ماء بئر ، ومع الجريان مستمرّاً كالقناة يلحق بالجاري.
وفي القسم الأوّل النزح بما وقعت فيه النجاسة مغنٍ عن نزح الباقيات ، والظاهر عدم إجزاء العكس ، وفي احتسابها بالفرض بئرا واسعة ، فيعتبر الدلو بذلك النحو أو حال نفسها فقط ، وفي العجز فلو صار في البئر لزم نزحها جميعاً ولا يكتفي بالتراوح ، ويحتمل الاكتفاء بالتراوح في تطهير الجميع مطلقاً ؛ وعلى ما هو الأقوى من القول بالاستحباب يسهل الخطب.
والبحث فيه في مقامات :
[المقام] الأوّل : في بيان عصمته
ماء البئر كماء النهر معتصم بالمادّة ، وبقاء عصمته موقوف على بقاء اتّصاله بمادّته ، ولا ينجس إلا بالتغيير ، ويطهر بمجرّد زواله مع بقاء الاتّصال بالمادّة ، ويستوي فيه القليل والكثير.
وما ورد من النزح في غير التغيّر محمول على الندب ، دون التطهير ، ودون الوجوب ، تعبّداً للأصل ؛ واختلاف الأخبار على وجه لا يمكن الجمع بينها إلا بالحمل عليه دون التخيير ، ودون البناء على الأقلّ أو على الأكثر كما يظهر بأدنى نظر (١).
ويدلّ على عدم قصد التطهير وروده في وقوع الأعيان الطاهرة كالعقرب والوزغة ، والجنب مطلقاً ، وملاحظة الاعتبارات المفيدة للقطع ، فإنّه يلزم على التنجيس مطلقاً ، أنه لو كان فيها مائة كرّ ، ووقعت فيها قطرة دم نجّستها ، مع اعتصامها بالمادّة. وإذا خرج منها كرّ واحد فلا يفسده ما وقع فيه ممّا لم يغيّره.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦ ح ٦ ، الفقيه ١ : ١١ ح ٢٠ وص ١٢ ح ٢٢ وص ١٥ ح ٣٣ ، التهذيب ١ : ٢٣٧ ح ٦٨٤ ، الإستبصار ١ : ٣٠ ، ٣٥ ، الوسائل ١ : ١٣٢ ب ١٥ ، ١٦ ، ١٧ ، وص ١٣٦ ب ١٨ ، ١٧ من أبواب الماء المطلق.