ولكلّ من المشاهد المشرّفة والمساجد وقبور الأنبياء ، ومحالّ الأولياء خصوصيّة في استجابة الدعاء على اختلاف مراتبها ، فيستحبّ إذاً إرسال الداعي إليها.
المبحث الثاني : في الاحتضار
وإنّما سمّي احتضاراً لحضور الملائكة أو الأرحام أو مطلق الناس عنده ، ويسمّى نزعاً ؛ لأنّه وقت نزع الروح من البدن ، وسوقاً ؛ لأنّها تساق منه إلى خارج.
إذا احتضر المؤمن ، ودنا رحيله وجب على الناس كفاية وإن كان الولّي أولى بالحضور عنده ؛ لحفظه ممّا يرد عليه من العوارض الباعثة على تعجيل حتف أنفه أو إهانة نفسه.
وأن يستقبلوا به القبلة إن لم يستقبل بنفسه ، بوضعه على قفاه ، وجعل وجهه ومقاديم بدنه ، وباطن قدميه إلى القبلة ، ولا عبرة بيديه ؛ فإن تعذّر الاستقبال على ذلك الوجه ، فعلى هيئة المضطجع مخيّراً بين الأيمن والأيسر وإن كان الأوّل أولى.
وإن كان في مكان ضيّق أو محمل أو نحوه استقبل به على هيئة الجالس ، وهكذا.
ويسقط الحكم لو كان على دابّة أو في سفينة سائرتين أو مصلوباً أو مقتولاً حدّا أو قصاصاً حال القتل ولو قيل بوجوب الاستقبال في القسمين الأوّلين ابتداءً ، ثمّ يسقط بعد ذلك ؛ أو يستقبل به رأس السفينة أو صدر الدابّة ، لم يكن بعيداً.
ويسقط مع التعذّر ، ومع جهل القبلة إلا أن يعلم المشرق والمغرب ونحوهما فيوجّه بينهما ، ثمّ إذا مات سقط وجوب الاستقبال إلا في الدفن وإن استحبّ في جميع أحوال الوضع مستقرّاً ولو لم يستقبل به أحد وأمكنه الاستقبال بنفسه وجب عليه.
ويستحبّ أن يكون رجاؤه أكثر من خوفه كما في الخبر (١) (وفيه وجهان :
أحدهما : بحسب اختلاف الزمان.
ثانيهما : في كل ان وتعلّق الندب بهما لاختياريّة مقدّماتهما.
__________________
(١) انظر صحيح مسلم ٥ : ١٨٥ ح ٢٦٢١ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١١ ح ٩٨٣.