ثمّ البيان قد يكون بالقول كما في الوضوء والتيمّم. وقد يكون بالفعل مقصوداً به التعليم كصلاته عليهالسلام لتعليم حمّاد (١) ، أو غير مقصود به ذلك ، متبوع بالقول كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «صلّوا كما رأيتموني أُصلّي وحجّوا كما رأيتموني أحجّ» (٢).
أو غير متبوع كما إذا رأيناه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد عمل عملاً أو نُقِل عنه بطريق معتبر ، فإنّه يقوم مقام القول ؛ إلا أن يقوم دليل على الخلاف.
أو بالتقرير ، كما إذا كان العمل بحضوره فارتضاه ، أو سكت عنه في مقام لا ينبغي السكوت منه.
وفي حكم ذلك ما قضى به جمع جميع ما ذكر في الروايات ، وكلام الأصحاب من الأجزاء والشروط والموانع ، فيحكم لذلك بنفي ما عداها.
وهذا النحو مجمع عليه ، والسيرة قاضية به ، لا بأصل عدم شغل الذمّة المردود بأصالة بقائه بعد اليقين (٣) ، ولا بأصل عدم زيادة تركّب المعنى المردود بأصل عدم تحقّقه ، ولا بأصل عدم دخول شيء في الاسم إلا ما علم دخوله فيه ، فيكون موضوعاً للمعلوم دون غيره ؛ لأنّ اللغة لا تثبت إلا بطرق خاصّة ، وليس أصل العدم منها.
فليس حالنا إلا كحال العبيد في الاهتداء إلى طرق معرفة إرادة مواليهم ، وكحال الصدر الأوّل نتلقّى الأحكام الشرعيّة وموضوعاتها على نحو تلقّيهم.
ولا تجب معرفة حقيقتها على المكلّفين (٤) كما لا تلزم معرفة حقيقة غيرها من العبادات.
ولا تتوقّف عليها صحّة النيّة ، ولو لا ذلك لفسدت أكثر عبادات المكلّفين ؛ إذ لا يعرف حقيقة الصلاة والصيام والحجّ والعمرة والإحرام سوى الأوحديّ من الناس.
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٩٦ باب وصف الصلاة ح ٩١٦.
(٢) عوالي اللآلي ١ : ١٩٨ ح ٨ ، صحيح البخاري ١ : ١٦٢ باب الأذان للمسافر ، وفيهما صدر الحديث.
(٣) في «ح» زيادة : ولأنّه في حكم تعدّد الأفراد المتفاوتة ولوضوح الفرق بين الأجزاء والجزئيّات ، ولا بأصل عدم تحقّقه.
(٤) في «ح» زيادة : ولا الفرق بين واجبها وندبها.