من كثير التردّد ، وكالخارج من البول أو المني قبل الاستبراء الشرعي ، والخارج من الدم مع احتمال الحيض ، مع عدم مانع يمنع عن الحكم به ، فإنّ الإدراكات الثلاثة هنا قائمة مقام اليقين ، وكما في غير ذلك ممّا حصل فيه ظنّ من طريق شرعي.
القسم الثاني : إذا تيقّن الحدث (أو الحكم أو العلم ، وشكّ أو ظنّ أو توّهم) (١) الطهارة ، فالبناء على الحدث ما لم يجر عليها الشارع حكم العلم ، كالحكم بالطهارة لكثير التردّد ، أو لمضيّ عادة أو قضاء وصف ، أو عمل برواية ، وإن كان المظنون الحيض. والظنّ علم إذا كان عن طريق شرعي ، كإخبارها عن حالها ، أو كشهادة العدلين على الناسية أنّ الأيّام تجاوزت العادة فمتى ثبت الحيض لزم الوضوء للصلاة مع الغسل ، وكثرة الظنّ والشكّ والوهم يلغى اعتبارها ، ويبنى على الطهارة.
ولو طرأ عليه الحال في أثناء العمل أو بعده بنى على صحّته ، وفي الحكم بصحّة ما بعده وصحّته لو علم بقدم مأخذ الشك إشكال.
القسم الثالث : أن يتيقّنهما ، ويشكّ في المتأخّر أو حكمهما شرعاً أو على الاختلاف من دون مثبت شرعي مع التعاقب ووحدة العدد ، وكذا مع التعدّد والاتّصال في وجه قويّ.
وهذا لا يخلو من حالين ؛ لأنّه إمّا أن يعلم حاله أو يحكم به بطريق شرعي فيما تقدّمهما من حدث أو طهارة ، فيقوم احتمال البناء على نحو ما تقدم ، نظراً إلى أنّا قد علمنا ثبوت المتقدّم وشككنا في ارتفاعه كلّيا ؛ لعدم العلم بطروء الرافع على قسميه معاً ، فيحكم ببقائه استصحاباً إلى أن يعلم بطروء الضدّ عليهما معاً ، ولأنّه قد علم انتقاض الأوّل ولم يعلم بانتقاض الثاني.
واحتمال العمل على خلافه ، نظراً إلى العلم بانتقاضه والشكّ في تجدّد حكمه ، فيستصحب عدمه ، ولأنّ الأصل بقاء الضدّ ، وعدم فصله بين المتماثلين ، ولأنّ أصل النقض معلوم دون نقض الناقض ، والأصل عدمه.
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : ويشك.