وفيهما : أنّ الاستصحاب إن أُريد لحكم الجنس فلا وجه له ؛ لأنّ الجنس لا انفراد له عن الفصل ، ويتّحد مع الشخص. وإن أُريد استصحاب حكم الشخص فظاهر البطلان. وترجيح الأخر بترجيح التأسيس على التأكيد غير حكم (١) التأسيس ؛ لأنّه من النكت البيانيّة التي لا مدخل لها في الأُمور الشرعيّة.
وإمّا أن يجهل الحال فلا يعلم بحاله السابق كيف كان ، ولا يثبت عنده بوجه شرعي ، وفيه يتعارض الأصلان ، وهو وما تقدّمه سيّان ، فلا تستباح به غاية.
هذا مع جهل التاريخ فيهما ، فلم يعلم السابق من اللاحق ، واحتمال المقارنة وعدمها مع عدم التعيين.
أمّا لو ثبت تاريخ أحدهما بطريق شرعي وجهل تاريخ الأخر مع العلم بعدم المقارنة ، أو احتمالها ، قيل كان البناء على حكم المجهول ؛ لأصالة تأخّره عن وقت المعلوم ومع احتمال المقارنة تكون هي الأوفق بقواعد الأُصول فيحكم بالبطلان قطعاً.
وفيه : أنّ أصالة التأخّر إنّما قضت بالتأخير على الإطلاق ، لا بالتأخّر عن الأخير ، ومسبوقيّته به ، إذ وصف السبق حادث ، والأصل عدمه ، فيرجع ذلك إلى الأُصول المثبتة ، وهي منفيّة ، فأصالة عدم الاستباحة ، وبقاء شغل الذمّة سالمان من المعارض ، ولذلك أطلق الحكم فحول العلماء في مسألة الجمعتين ، ومسألة من اشتبه موتهم في التقدّم وغيرها ، وفي مسألة عقد الوكيلين وغيرها ، أو المشتبهين في سبق الكمال على العقد وتأخّره ، ولم يفصّلوا بين علم التاريخ في أحدهما وعدمه.
والظاهر تخصيص هذه المسائل بغير كثير الظنّ أو الشكّ أو الوهم ، ويبني هو على الصحّة ، وتخصيص البناء على حكم الحدث بما إذا لم يدخل في العمل المشروط أتمّه أو لم يتمّه بالنسبة إلى ذلك العمل هو الوجه.
وأمّا بالنسبة إلى ما يأتي من الأعمال فوجهان ، والحكم في غاية الإشكال ، غير أنّ القول بالبناء على الصحّة فيما سيأتي أقرب إلى الصواب ، وبناء الوجهين على فهم
__________________
(١) في «س» ، «م» : محكّم.