واما على تقدير عدم ملاحظة ذلك فالظاهر ان الحكم في القضية المفروضة يتعلق بكل فرد ويستمر ذلك دائما ، حيث انه لم يحدده بحد خاص ولم يقيده بزمان خاص بالفرض ، فاذا خرج الفرد من تحت العام في زمان لم يكن العام دليلا على دخوله في الزمان الآتى ، لان دلالة العام على استمرار الحكم المتعلق بالفرد فرع دلالته على نفس الفرد ، فاذا خرج الفرد من تحته يوم الجمعة فأنّى لنا بالعموم الذي يشمل ذلك الفرد يوم السبت ، حتى يشمله الحكم ونحكم باستمرار ذلك الحكم ايضا من اول يوم السبت.
والحاصل انه على الفرض الاول كان الفرد الخارج يوم الجمعة فردا ، والفرد الذي يتمسك بالعموم له في السبت فردا آخر ، أو كان لنا في اليوم الجمعة قضية عامة خرج منها فرد ، وفي يوم السبت ايضا قضية عامة كذلك نشك في خروج الفرد منها ، ولا اشكال في كلا الاعتبارين في التمسك بالعموم في المشكوك ، لان الفرد المفروض على تقدير عدم دخوله تحت العام يستلزم تخصيصا آخر زائدا على التخصيص المعلوم ، وهذا واضح ، بخلاف الفرض الثاني ، فان الفرد المفروض خروجه يوم الجمعة لو كان خارجا دائما لم يستلزم الا مخالفة ظاهر واحد ، وهو ظهور وجوب اكرامه دائما.
فان قلت : كيف يتمسك بالاطلاقات بعد العلم بالتقييد ، ويقتصر في عدم التمسك بها على المقدار الذي علم بخروجه ، والحال أن مفادها واحد ، وبعد العلم بالتقييد يعلم انه ليس بمراد ، مثلا ، لو فرضنا ورود الدليل على وجوب عتق الرقبة وعلمنا بالدليل المنفصل أن الرقبة الكافرة عتقها غير واجب ، فيلزم ان لا يكون الموضوع في الدليل الاول المفهوم من اللفظ المذكور فيه ، وبعد ما لم يكن هذا المعنى مرادا منه لا يتفاوت في كونه خلاف الظاهر ، بين ان يكون المراد منه الرقبة المؤمنة ، او مع كونها عادلة ، وليست مخالفة الظاهر على تقدير ارادة المفهوم الثاني من اللفظ اكثر ، حتى يحمل اللفظ بواسطة لزوم حفظ مراتب الظهور بقدر الإمكان على الاول ، اذ ليس في البين إلّا تقييد واحد ، كثرت