الجهر في الجهرية ، ويحمل ما دلّ على التخيير علىٰ التقية كما مضىٰ ، ويمكن أنْ يقال : إنّ التخيير لا ينافي الأمر بالجهر ؛ لأنّ الواجب المخيّر مأمور بكل من فرديه ؛ إلّا أنْ يقال : إنّ الأمر حقيقة في العيني مع الإطلاق ، والفرض الإطلاق هنا . وفيه : أنّ ما دلّ علىٰ التخيير يقيّده .
وإنْ أراد عليهالسلام بالأمر قوله تعالىٰ : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا ﴾ (١) كما يدل عليه ما رواه في التهذيب بطريق فيه جهالة ، والمقصود منه أنّه قال : « فإذا جهر فأنصت ، قال الله تعالىٰ : ﴿ أَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ » الحديث (٢) . أمكن أنْ يقال : إنّ الآية علىٰ تقدير ظاهرها لو كانت للوجوب لزم القول بالإطلاق ، وهو غير معلوم ؛ ولو حملت علىٰ الخصوص في الإمام والصلاة الجهرية لظاهر الخبر لزم وجوب الإنصات فيها .
ويمكن أنْ يقال : إنّ خبر التهذيب وإنْ ضعف إلّا أنّ الخبر المبحوث عنه يؤيّده .
وفيه : أنّ هذا الخبر غير صريح في أنّ الأمر في الآية ، نعم روىٰ الصدوق عن زرارة ـ وطريقه صحيح ـ عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « وإنْ كنت خلف إمام فلا تقرأنّ شيئاً في الأوّلتين وأنصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين ، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول للمؤمنين : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ ـ يعني في الفريضة خلف الإمام ـ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ (٣) .
وهذا الكلام يحتمل أنْ يكون من رواية زرارة ، والتفسير منه لعلمه
__________________
(١) الأعراف : ٢٠٤ .
(٢) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١٢٠ .
(٣) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٦٠ ، الوسائل ٨ : ٣٥٥ أبواب صلاة الجماعة ب ٣١ ح ٣ .