لا تقبل شهادته. وعلى هذا فما ورد في شأن بكير لا يدلّ على المدح المعتبر.
فإنْ قلت : من أين اعتبار ما ذكرت في المدح ولم يصرّحوا به؟
قلت : ربما يلوح ذلك من ذكره في الرواة ؛ لأنّ الخبر الحسن عند التأمّل به يقتضي ذلك ، إذ لا يخرج عن مشابهة الشهادة ؛ إلاّ أنْ يقال : إنّ هذا نوع من الإخبار ، فلا يتم ما قلناه ، وفي البين كلام. ( ومن هنا يعلم أنّ قول العلاّمة : بكير بن أعين مشكور (١) ، فيه ما فيه ) (٢).
وما عساه يقال : من أنّ عبد الله بن بكير ممن أجمع على تصحيح ما يصح عنه (٣) ، فلا يضرّ الاحتمال في أبيه.
يمكن الجواب عنه : بما أسلفناه. في معنى الإجماع المذكور في أوّل الكتاب مفصّلاً (٤) ، والحاصل أنّ المعنى في هذا لو كان كما ظن لكان الشيخ أعلم به ، وقد ردّ بعض أخبار فيها من أجمع على تصحيح ما يصح عنه بالإرسال ، فعلم أنّ مرادهم بالإجماع قبول روايات الرجل من دون القرائن.
فإنْ قلت : ردّ الشيخ بالإرسال لا يقتضي ما ذكرت ، لأنّ مقصوده به عدم ثبوت القرائن على الصحة فاكتفى بذكر الإرسال. والذي يؤيد هذا أنّ الخبر لو لم يكن مرسلاً لا يعمل به الشيخ ، فعلم أنّ الإرسال لا يؤثّر من حيث هو وإنما أتى به ( لما ذكرناه.
قلت : هذا الوجه قد قدّمت مثله في أوّل الكتاب ، ولم أر من نبّه ) (٥)
__________________
(١) خلاصة العلاّمة : ٢٨.
(٢) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».
(٣) رجال الكشي ٢ : ٦٧٣.
(٤) راجع ج ١ ص ٥٩ ٦٢.
(٥) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».