أمّا جواز الصلاة اختياراً فدلالة خبر جميل عليه لا يخلو من إجمال ؛ لأنّ المعلوم من صلاة نوح أنّها مع الاضطرار ، والجواب يفيد نفي ذلك ، وحينئذٍ لا بُدّ من توجيه الجواب علىٰ وجهٍ يطابق السؤال .
وربما يقال : إنّ الغرض من ذكر صلاة نوح أنّ اعتبار الاستقرار لو شرط لأمكن أنْ يطلب نوح عليهالسلام استقرار الأمواج ولم يطلب ، بل صلّىٰ فيها مع عدم الاستقرار فيجوز لغيره .
وفيه : أنّ ظاهر السؤال عن السفينة مع إمكان الخروج ، والاستقرار مع عدم إمكان الخروج أمر آخر ، وطلب الاستقرار غير معلوم كعدمه . ولا يبعد أنْ يكون السؤال عن السفينة حال استقرارها أيرجّح الصلاة فيها علىٰ الخروج أم لا ؟ وحينئذٍ الجواب يطابق هذا ، من حيث إنّ نوحاً أوقع الصلاة في السفينة ، فالتأسّي به مطلوب ، وعلىٰ هذا لا يدلّ الخبر إلّا علىٰ فعل الصلاة في السفينة من حيث هي . والحقّ أنّ في البين كلاماً .
وأمّا اشتراط عدم الحركة من الأمواج ففي الأخبار ما ينافي هذا ، وقد تقدم في باب صلاة الجماعة في السفينة بعضها (١) . .
وقد روىٰ الشيخ في التهذيب عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير عن ، أبي أيّوب قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّا ابتلينا وكنّا في السفينة فأمسينا ولم نقدر علىٰ مكانٍ نخرج فيه ، فقال أصحاب السفينة : ليس نصلّي يومنا (٢) ما دمنا نطمع في الخروج ، فقال : « إنّ أبي كان يقول : تلك صلاة نوح عليهالسلام ، أما ترضىٰ أنْ تصلّي صلاة نوحٍ عليهالسلام ؟ » فقلت : بلىٰ جعلت فداك ، قال : « فلا يضيقنّ صدرك ، فإنّ نوحاً قد صلّىٰ في السفينة »
__________________
(١) في ص ٢٣٥ .
(٢) ليست في « رض » و « م » .