وما يقال : من أنّ الاستحباب في مثل هذا إن أُريد به بمعناه الأُصولي فلا يتم ؛ لأنّ المستحب ما يجوز تركه لا إلى بدل ، وهذا ليس كذلك ؛ وإن أُريد غيره فإثباته لا بُدّ له من دليل.
يمكن الجواب عنه : بأنّ الكامل لا بدل له ، فيتحقق المعنى الأُصولي ، وقد أوضحنا الحال في محل آخر.
ثم إنّ ما ذكره الشيخ من التخييري في [ الخمسة (١) ] والعيني في السبعة جمعاً يقتضي تحقق التخييري والعيني حال حضور الإمام عليهالسلام ؛ إذ الأخبار يفيد ذلك حينئذٍ ، والقول بالتخييري حال الحضور لا أعلم الآن القول به ، وعلى تقدير الاعتماد على أنّ الشيخ قائل بذلك هنا فهو لازم.
ولا يذهب عليك أنّ المستفاد من الأخبار هو العيني ؛ وما يقال : إنّ الأمر لا يختص بالعيني. فيه : أنّه خلاف (٢) المستفاد من الأُصول. أمّا دعوى الإجماع على انتفاء العيني حال الغيبة فالكلام فيها كما سبق.
وقد نقل عن جدّي قدسسره أنّه أجاب في شرح الإرشاد بعدم تكافؤ أخبار الخمسة والسبعة ، بل أخبار الخمسة أصحّ (٣) ؛ فلا وجه للحمل من الشيخ. وغير خفي اندفاعه بعد ما ذكرناه من روايات الصدوق ، وعذره قدسسره عدم وجود من لا يحضره الفقيه عنده ؛ وروايات الشيخ كأنّه نظر منها إلى ما هنا من اشتراك العباس (٤) ، وما قيل في أبان بن عثمان (٥) ؛ والحال أنّ دفع القول في أبان واضح ، والعباس على ما في التهذيب (٦) سهو. لكن
__________________
(١) في النسخ : الجمعة ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) ليس في « م ».
(٣) روض الجنان : ٢٨٥.
(٤) هداية المحدثين : ٨٩.
(٥) رجال النجاشي : ١٣.
(٦) التهذيب ٣ : ٢١ / ٧٦.