( ومنه ) أن قاطع الطريق إذا قتل فإنه يقتل ، ففي هذا القتل معنى القصاص لأنه قتل في مقابلة قتل ، وفيه معنى الحد لأنه لا يصح العفو عنه ، بل لو عفى الولي قتل حدا سواء قلنا بالترتيب أو بالتخيير ، فهل يغلب حق الله أو جانب الآدمي؟ فيه وجهان. وتظهر الفائدة في مواضع :
( منها ) إذا قتل من لا يقاد به كالأب ولده والحر العبد والمسلم الكافر إن غلبنا حق الله تعالى قتل به وإن غلبنا حق الآدمي قتل لا به.
ولو قتل جماعة فإن غلبنا معنى القصاص قتل بواحد منهم وللباقين الدية في وجه ذكره الأصحاب وهو الأولى إن ترتبوا وواحد بالقرعة إن لم يترتبوا ، وإن غلبنا حق الله تعالى قتل بهم ولا دية. ولو مات قبل القود فإن غلبنا حق الله تعالى فلا شيء لورثة المقتول ولا أخذت من تركته على القول به في غير المحاربة.
ولو عفى الولي على مال فإن غلبنا حق الآدمي فلا قصاص وتجب الدية ويقتل حدا كمرتد استوجب القصاص فيعفى عنه ، وإن غلبنا حق الله تعالى لغي العفو.
ولو قتل المحارب أجنبي كمن تولى المقتول بغير إذن الإمام فإن غلبنا القصاص فعليه الدية لوارثه ، والأقرب عدم الاقتصاص منه لأنه قتله متحتم ، ويحتمل القصاص لأنه معصوم بالنسبة إليه ، وإن غلبنا حق الله عزوجل عزر فقط.
ولو كان مستحق القصاص صبيا أو مجنونا فينبغي أن يخرج عفو الولي على هذا الاختلاف ، فإن غلبنا حق الآدمي لم يقبض حتى يبلغ أو يفيق إن أوجبنا التربص في مثله لئلا يفوت عليه المال لو أراده ، وإن غلبنا حق الله تعالى فعفوه لاغ فيقتل في الحال.
ولو مات قبل الظفر فإن غلبنا حق الآدمي لم يسقط القصاص ويسقط التحتم وإن غلبنا حق الله تعالى سقط.